.................................................................................................
______________________________________________________
فعلا لكونها لازمة لحجية الطريق : فلا يتكفله الدليل على التلازم المذكور ؛ بل إنما يتكفله دليل الانسداد ، وقد تقرر في محله : أن الدليل على وجود أحد المتلازمين دليل على وجود الآخر ، وأما الدليل على أصل الملازمة بينهما : فلا يكون دليلا على وجودهما أو وجود أحدهما.
والسر فيه واضح ، فإن صدق القضية الشرطية لا يتوقف على وجود الطرفين أو أحدهما ، ألا ترى أن قوله «عليهالسلام» : في حديث «وإذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت» (١) إنما يدل على أصل الملازمة بين التقصير والإفطار ، ولا يكون دليلا على ثبوت الإفطار فعلا؟ بل ثبوته كذلك يحتاج إلى دليل آخر ، وهو الدليل على وجوب القصر ، فإن دل على وجوبه دليل : ثبت فعلا وثبت وجوب الإفطار كذلك أيضا بمقتضى الملازمة بينهما ؛ وإلا لم يثبت لعدم ثبوت القصر ، ولا تنافي بين عدم ثبوته فعلا ـ لعدم ثبوت القصر كذلك ـ وبين ثبوت الملازمة بينهما واقعا ؛ لما عرفت من : عدم توقف صدق الشرطية على ثبوت طرفيها.
وبهذا البيان ظهر : أن مقصود المصنف «قدسسره» بقوله : «إنما هو الدليل ...» الخ. هو : أن الدليل على ثبوت الملازمة بين شيئين لا يكون دليلا على وجودهما أو وجود أحدهما ، بل الدليل على وجود أحدهما يكون هو الدليل على وجود الآخر ، وكان هذا ـ أعني : تخيل أن ثبوت الملازمة دليل على ثبوت أحد المتلازمين ـ هو منشأ التوهم المزبور ، فزعم أن المقصود حصول القدر المتيقن الوافي بمجرد ثبوت الملازمة ، مع قطع النظر عن دليل الانسداد.
وليس كما توهم ؛ بل المقصود حجية المتيقن الاعتبار الثابت بدليل الانسداد المثبت لحجية طريق ما ، فلا بد أولا من ملاحظة دليل الانسداد ليثبت شرعا حجية طريق ما حتى تثبت ـ بمقتضى الملازمة ـ حجية المتيقن الاعتبار ، وعليه : فالدليل على الملازمة ليس دليلا على حجية خبر العادل المفروض كونه متيقن الاعتبار ؛ بل الدليل على حجيته هو دليل الانسداد ؛ لأنه دليل على ملازمة وهو اعتبار طريق ما.
وبالجملة : فتيقن الاعتبار إنما نشأ من دليل الانسداد بضميمة دليل الملازمة.
وإن شئت قلت : حجية القدر المتيقن ـ كخبر العادل في المثال ـ مستندة إلى الملازمة ،
__________________
(١) الفقيه ١ : ٤٣٧ / ذيل ح ١٢٦٩ ، تهذيب الأحكام ٣ : ٢٢ / ذيل ح ٥٥١ ، الوسائل ٨ : ٥٠٣ / ذيل ح ١١٢٩١.