وهو (١) كما ترى.
قلت (٢) : لا يخفى أن منشأ الإشكال هو تخيل كون القربة المعتبرة في العبادة مثل
______________________________________________________
قصد الأمر دليل على عدم إمكان الاحتياط بمعناه الحقيقي في العبادة.
والالتزام بأنه بمعناه الحقيقي لا يجري في العبادة حتى ينسلخ منه قصد الأمر.
(١) أي : والحال أن الالتزام بعدم جريان الاحتياط في العبادة كما لا يمكن المصير إليه ، كيف وهو مورد فتوى المشهور؟ فلا بد لحل الإشكال من التماس وجه آخر وهو ما اختاره المصنف «قدسسره».
(٢) هذا هو الجواب الرابع عن إشكال الاحتياط في العبادة ، وهذا الجواب هو مختار المصنف ، وهو تزييف للمبنى الذي أسس عليه هذا الإشكال ، فيقال في توضيح هذا الجواب : إن الإشكال المذكور نشأ من تخيل كون وزان القربة المعتبرة في العبادة وزان غيرها مما يعتبر فيها شطرا أو شرطا في اعتبار تعلق الأمر بها ، فيتعلق أمر العبادة في مثل : «صل» بقصد القربة كتعلقه بغيره مما هو دخيل في المأمور به ، فيشكل حينئذ جريان الاحتياط في العبادة ؛ لتعذر قصد الأمر مع الشك فيه.
لكن هذا التخيل فاسد ؛ لما ذكره المصنف في مبحث التعبدي والتوصلي من عدم كون قصد القربة دخيلا في المأمور به على نحو دخل مثل الاستقبال والستر في الصلاة ؛ بل هو من الأمور المحصلة للغرض والحاكم باعتباره ولزومه هو العقل ، فمتعلق الطلب في مثل : «صل» ، و «احتط» هو ذات الفعل ، والقصد المزبور خارج عن ماهية المأمور به ، ولا يلزم الدور إذ لم يكن قصد الأمر المتأخر عن الأمر دخيلا في المتعلق على نحو سائر الأجزاء والشرائط ؛ بل هو من كيفيات الإطاعة التي هي في رتبة تالية للأمر ، وبه يصير الاحتياط في العبادة ممكنا ؛ إذ كما يأتي المكلف بالصلاة الواقعية المعلومة بداعي أمرها المعلوم بحيث يكون الأمر المعلوم هو الداعي للمكلف والمحرك له نحو الإتيان بالصلاة لا داع آخر من الدواعي النفسانية ، كذلك يأتي المكلف بالصلاة الاحتياطية بداعي الأمر المحتمل ، وحينئذ : فلو كانت مأمورا بها واقعا لكانت مقربة.
وبالجملة : أنه يمكن دفع إشكال الاحتياط في العبادة على وجه لا يلزم المحذور ، وهو أن اعتبار القربة ـ في جميع العبادات ـ ليس شرعيا بل هو عقلي ، والعقل لا يعتبر أزيد من قصد الأمر جزميا كان أو احتماليا ، فحينئذ : يتحقق الاحتياط بلا حاجة إلى أمر الشارع المستلزم للدور.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».