فإنه يقال (١) : إن الأمر بعنوان الاحتياط ولو كان مولويا لكان توصليا ، مع أنه لو كان عباديا لما كان مصححا للاحتياط ومجديا في جريانه في العبادات كما أشرنا إليه (٢) آنفا.
ثم (٣) إنه لا يبعد دلالة بعض تلك الأخبار على استحباب ما بلغ عليه الثواب ، فإن
______________________________________________________
المتعلق بالاحتياط لا إرشاديته.
(١) جواب عن قوله : «لا يقال». وقد أجاب المصنف عنه بوجهين :
الوجه الأول : ما أفاده بقوله : «إن الأمر بعنوان الاحتياط». وتوضيحه : أن أوامر الاحتياط ـ على تقدير مولويتها ـ توصلية ؛ إذ لا دليل على تعبديتها ، فتسقط بمجرد موافقتها ، ولا يتوقف سقوطها على قصد التقرب بها كما هو شأن الأوامر العبادية. وعليه : فالأمر التوصلي كالأمر الإرشادي لا يصحح قصد القربة مع وضوح اعتباره في العبادة. هذا تمام الكلام في الوجه الأول.
وأما الوجه الثاني : فقد أشار إليه بقوله : «مع أنه لو كان عباديا ...» الخ.
وحاصله : أنه لا يصح قصد التقرب بأوامر الاحتياط حتى مع تسليم كونها عبادية ، للزوم الدور ، ضرورة : أن الاحتياط حينئذ يتوقف على الأمر به حتى يجوز الاحتياط بقصد الأمر به ، والأمر بالاحتياط يتوقف على وجود الاحتياط قبل الأمر به ؛ لكون الأمر عارضا عليه ، والعارض يستدعي تقدم المعروض عليه ، فالأمر يستدعي تقدم الاحتياط عليه ، فالنتيجة : أن الاحتياط يتوقف على نفسه ، وهو الدور.
(٢) يعني إلى عدم كونه مصححا للاحتياط ؛ لاستلزامه الدور ، ومراده بقوله : «آنفا» ما أفاده في أوائل هذا التنبيه حيث قال : بداهة توقفه على ثبوته توقف العارض على معروضه.
مفاد أخبار من بلغ
(٣) بعد أن ناقش المصنف «قدسسره» في الاستدلال بأخبار «من بلغ» على تعلق الأمر المولوي بالاحتياط ، تطرق إلى ما يمكن أن يستفاد من تلك الأخبار في أنفسها من الوجوه والمحتملات.
فيقع الكلام في مقامين :
المقام الأول : في محتملات هذه الأخبار.
المقام الثاني : في الأقوال فيها.
وأما محتملات هذه الأخبار فهي ثلاثة :