الثالث (١) : أنه لا يخفى أن النهي عن شيء إذا كان بمعنى طلب تركه في زمان أو
______________________________________________________
والفرق بين هذين الوجهين : أنه على الأول : يكون الأمر المستفاد منها متعلقا بنفس العمل ، وعلى الثاني يكون متعلقا بالاحتياط وهو الإتيان بالعمل برجاء الثواب عليه.
وأما الأقوال في مفاد أخبار «من بلغ» فهي ثلاثة :
الأول : أن يكون مفادها حجية الخبر الضعيف ، وهو ظاهر المشهور.
الثاني : أن يكون مفادها استحباب الاحتياط ؛ كما استظهره الشيخ الأنصاري «قدسسره».
الثالث : أن يكون مفادها استحباب نفس العمل الذي بلغ عليه الثواب ، وهو مختار المصنف «قدسسره».
١١ ـ نظريات المصنف «قدسسره» :
١ ـ إمكان الاحتياط في العبادات ؛ لأن العبادة وإن كانت تتوقف على قصد القربة إلا إن اعتبار قصد القربة فيها يكون عقليا لا شرعيا ، والإشكال مبني على اعتبار قصد القربة فيها شرعا.
٢ ـ الصحيح من الأجوبة عند المصنف «قدسسره» هو : الجواب الرابع عن إشكال الاحتياط في العبادات.
٣ ـ مفاد أخبار «من بلغ» عند المصنف «قدسسره» هو : استحباب نفس العمل الذي بلغ عليه الثواب.
في دفع توهم لزوم الاحتياط في الشبهات التحريمية الموضوعية
(١) الغرض من عقد هذا الأمر الثالث : هو دفع ما يتوهم في المقام من لزوم الاحتياط.
وأما توضيح التوهم فيتوقف على مقدمة وهي : أن التكاليف الشرعية قد تعلقت بالموضوعات الواقعية بما هي هي ، من دون تقييدها بالعلم أو الجهل ، كما أن الألفاظ ـ أيضا ـ وضعت للمعاني الواقعية كذلك ، فحينئذ : يكون مفاد قول الشارع : «اجتنب عن الخمر» هو وجوب الاجتناب عن الخمر الواقعي ، سواء علم المكلف به تفصيلا أو إجمالا أو لم يعلم به اصلا ، فيكون المحرم هو الخمر الواقعي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الواجب ـ حينئذ ـ هو الاجتناب عن كل ما يحتمل كونه خمرا من باب المقدمة العلمية حتى يحصل العلم بالاجتناب عن الخمر الواقعي ، فلا يجري حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان لفرض وجود بيان من الشارع في الشبهات