وجود الواجب بالأصل ، كذلك يحرز ترك الحرام به.
والفرد (١) المشتبه وإن كان مقتضى البراءة جواز الاقتحام فيه ؛ إلا (٢) إن قضية لزوم إحراز الترك اللازم وجوب التحرز عنه ، ولا يكاد يحرز إلا بترك المشتبه أيضا.
فتفطن.
______________________________________________________
(١) إشارة إلى ما أفاده الشيخ الأنصاري «قدسسره» في المقام بالنسبة إلى الفرد المشتبه.
وحاصله : أن الفرد المشتبه من المنهي عنه وإن جاز ارتكابه بمقتضى أصالة البراءة مع الغض عن العلم بحرمة صرف الطبيعة كما أفاده «قدسسره» بقوله : «فلا فرق بعد فرض عدم العلم بحرمته ، ولا بتحريم خمر يتوقف العلم باجتنابه على اجتنابه بين هذا الفرد المشتبه وبين الموضوع الكلي المشتبه حكمه ؛ كشرب التتن في قبح العقاب عليه» ؛ إلا إنه نظرا إلى العلم بحرمة صرف الطبيعة لا مورد لأصالة البراءة هنا ؛ بل المقام مجرى قاعدة الاشتغال ؛ لما عرفت مفصلا من أن تعلق النهي بالطبيعة إن كان بنحو الأول ـ وهو أن يكون المطلوب طلب ترك صرف الطبيعة ـ كان مقتضى ذلك وجوب الاجتناب عما احتمل فرديته لها كوجوب الاجتناب عن الأفراد المعلومة ، ضرورة : أن العلم بتعلق التكليف بالطبيعة ـ دون الأفراد ـ بيان وارد على أصالة البراءة ، ورافع لموضوعها ، فالشك في انطباق الطبيعة على الفرد المشتبه ليس مجرى لها ؛ لتوقف العلم بتحقق هذا الترك الواجب على الاحتراز عن المشتبه.
نعم ؛ لا بأس بإجراء البراءة في المصداق المشكوك إذا كان تعلق النهي بالأفراد نحو : «لا تكرم الفساق». وقد عرفت توضيح ذلك.
(٢) هذا رد لما أفاده الشيخ «قدسسره» ، يعني : «إلا إن قضية لزوم إحراز الترك» فيما كان النهي متعلقا بالطبيعة أي : ترك الطبيعة ، «اللازم وجوب التحرز عنه لا يكاد يحرز» الترك مطلقا «إلا بترك المشتبه أيضا» ، أي : كما يترك المتيقن.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ الغرض من عقد هذا الأمر الثالث : هو دفع توهم لزوم الاحتياط في الشبهات التحريمية الموضوعية.
توضيح التوهم : أن أدلة البراءة الشرعية والعقلية لا تجري في الشبهات الموضوعية كالمائع المردد بين الخل والخمر ؛ لأن وظيفة الشارع هو بيان الكبريات مثل : الماء حلال