فصل
إذا دار الأمر (١) بين وجوب شيء وحرمته ؛ ...
______________________________________________________
دوران الأمر بين المحذورين أو يقال : «أصالة التخيير»
(١) وقبل الخوض في البحث لا بد من تحرير ما هو محل النزاع في هذه المسألة فنقول : إن محل النزاع فيها يتضح بعد تقديم مقدمة وهي : بيان أمور :
١ ـ أن مورد النزاع : ما إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمته ولم يحتمل غيرهما ؛ وإلا فلو احتمل الإباحة مثلا لا شك في جريان البراءة بالنسبة إلى كل من الوجوب والحرمة ، ويحكم بالإباحة ظاهرا
٢ ـ أن محل البحث ما لم يكن أحد الحكمين بخصوصه مسبوقا بالوجود وموردا للاستصحاب ؛ إذ عليه يجري الاستصحاب فيه وفي عدم الحكم الآخر ، وبه ينحل العلم الإجمالي.
٣ ـ مثال الشبهة الحكمية : من كان مقطوع الذكر ومتعذرا عليه الدخول إذا تزوّج وساحق زوجته ثم طلقها ، فإن كانت المساحقة في حكم الدخول ، فطلاقها رجعي ، وحينئذ : فلو طلب الزوج منها الاستمتاع في العدة وجبت الإجابة عليها وإن لم تكن في حكم الدخول كان الطلاق بائنا ، وليس له الاستمتاع بها بالرجوع ؛ بل بالعقد الجديد ، فلو طلب منها الاستمتاع حرم عليها الإجابة ، وعليه : فيدور حكم إجابة الزوجة بين الحرمة والوجوب.
ومثال الشبهة الموضوعية : كما إذا علم الزوج أنه حلف إمّا على وطء زوجته هذه الليلة ، أو على ترك وطئها في الليلة نفسها ، فيدور حكم الوطء بين الحرمة والوجوب. هذا هو الدوران بين المحذورين في الشبهتين.
٤ ـ أن محل النزاع ما لو كان كل من الوجوب والتحريم توصليا ، أو كان أحدهما غير المعين تعبديا.
وأما لو كان كلاهما ما تعبديا أو أحدهما المعين كذلك : كان خارجا عن محل