الحكم بالبراءة عقلا ونقلا لعموم النقل ، وحكم العقل بقبح المؤاخذة على خصوص الوجوب أو الحرمة للجهل (١) به ، ...
______________________________________________________
رابعا : إفضاء الحرمة إلى المقصود منها أتم من إفضاء الوجوب إلى المقصود منه ، فإن المقصود من الحرمة ترك الحرام ، والترك يجتمع مع كل فعل ، بخلاف الوجوب ، فإن المقصود منه وهو فعل الواجب لا يتأتى غالبا مع كل فعل ، مضافا إلى حصول الترك حالة الغفلة عنه أيضا إذا لم يكن الحرام المحتمل تعبديا كما هو الغالب ، فلذا كان رعاية جانب الحرمة أرجح عند العقلاء ؛ لأنها أبلغ في المقصود.
الثالث : وجوب الأخذ بأحدهما تخييرا أي : تخييرا شرعيا قياسا لما نحن فيه بتعارض الخبرين الجامعين لشرائط الحجية وقد أشار إليه بقوله «أو تخييرا ... الخ».
الرابع : التخيير بين الفعل والترك عقلا مع التوقف عن الحكم بشيء رأسا لا ظاهرا ولا واقعا ، وقد أشار إليه بقوله : «والتخيير بين الترك والفعل عقلا مع التوقف عن الحكم رأسا».
الخامس : التخيير بين الفعل والترك عقلا والحكم بالإباحة شرعا.
السادس : الاستقراء الذي يستفاد منه أن مذاق الشرع هو تقديم جانب الحرمة في موارد اشتباه الواجب بالحرام ، وهذا يقتضي تقديم احتمال الحرمة على احتمال الوجوب أيضا. وقد أشار المصنف إلى بعض هذه الوجوه.
ومختار المصنف من هذه الوجوه : هو الوجه الخامس ، حيث قال «أوجهها الأخير ...» الخ ، وهذا الوجه مركب من جزءين :
١ ـ التخيير بين الفعل والترك عقلا.
٢ ـ الحكم بالإباحة شرعا.
فقوله : «لعدم الترجح بين الفعل والترك» دليل للجزء الأول ، وقوله : «وشمول مثل كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام له .. الخ ، دليل للجزء الثاني.
توضيح بعض العبارات :
قوله : «لعموم النقل» إشارة إلى حديثي الرفع والحجب.
(١) أي متعلق «قبح» ، وضمير «به» راجع على «خصوص» ، وهذا تقريب جريان البراءة العقلية ، يعني : أن الجهل بخصوصية الإلزام ونوعه موجب لصدق عدم البيان ، الذي أخذ موضوعا لقاعدة القبح.