ومع احتماله (١) : لا يبعد دعوى استقلاله بتعيينه ؛ كما هو (١) الحال في دوران الأمر بين التخيير والتعيين في غير المقام.
ولكن (٣) الترجيح إنما يكون لشدة الطلب في أحدهما ، وزيادته على الطلب في
______________________________________________________
فالمتحصل مما ذكرنا : أنه إما أن لا يحتمل الترجيح في أحدهما أصلا ، أو يحتمل.
وعلى الثاني : فإما أن يحتمل في أحدهما غير المعين أو يحتمل في أحدهما المعين ، فعلى الأولين : يستقل العقل بالتخيير ، وعلى الثالث : لا يستقل به ؛ بل يجب العمل بما يحتمل رجحانه كما هو ظاهر.
(١) يعني : مع احتمال ترجيح أحدهما المعيّن. وضمير «بتعيينه» راجع على «أحدهما على التعيين».
(٢) أي : كما أن استقلال العقل بتعين ما يحتمل ترجيحه مسلّم في دوران الأمر بين التعيين والتخيير. وهذا ما يستفاد منه القياس الأول.
وقد عرفت : أنه كحجيّة فتوى الأفضل تعيينا أو تخييرا ، والشك في حجية فتوى غير الأفضل.
والمراد بغير المقام في قوله : «غير المقام» موارد التزاحم ؛ كمسألة تقديم إنقاذ الغريق المحتمل أهميته ـ لاحتمال كونه عالما ـ على إنقاذ الآخر.
(٣) هذا إشارة إلى البحث الثاني وهو البحث الصغروي ، وتوضيح ما أفاده فيه : أن الموجب للتقديم هو أهمية الملاك الموجبة لشدة الطلب وتأكده وزيادته على الطلب في الآخر ؛ بحيث لو كان المحتملان معلومين لكان أحدهما المعين لأهميته مقدما على صاحبه عند المزاحمة ؛ كما في مثال إنقاذ الغريق المتوقف على التصرف في مال الغير بدون رضاه ، فإن كلا من الحكمين ـ وهما وجوب الإنقاذ وحرمة الغصب ـ معلوم ولا بد من امتثاله ، وقد اتفق ابتلاء المكلف بهما في زمان واحد ؛ لكن لما كان وجوب حفظ النفس المحترمة أهم من حرمة الغصب كان اللازم التصرف في مال الغير لأجل إنقاذ الغريق المؤمن ، هذا في باب التزاحم.
وفي المقام ـ وهو وجود احتمال حكمين لا نفس الحكمين الواقعيين ـ إذا كان الوجوب المحتمل أهم من الحرمة المحتملة قدم الفعل على الترك ، وإن كان احتمال الحرمة أقوى ؛ إذ المدار في الترجيح على أهمية المحتمل لا أقوائية الاحتمال ، فإذا فرض أن احتمال الحرمة أقوى من احتمال الوجوب ؛ لكن كان الوجوب المحتمل على تقدير ثبوته واقعا أشد وأهم من الحرمة المحتملة بل المظنونة قدم احتمال الوجوب الأهم على احتمال