لتردده (١) بين المتباينين ، وأخرى بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
______________________________________________________
ومجرى الاستصحاب هو : ملاحظة الحالة السابقة.
إذ عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه قد تقدم الكلام في أصالة البراءة وأصالة التخيير ، فيكون البحث فعلا في أصالة الاشتغال ومجراها ـ كما عرفت ـ هو الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي بأن يكون الشك في المكلف به وهو متعلق التكليف ، مع العلم بأصل التكليف.
ثم الشك في المكلف به على قسمين :
إذا قد يكون الشك في المكلف به دائرا بين المتباينين ؛ كما لو علم بوجوب صلاة يوم الجمعة ولم يدر أنها الجمعة أو الظهر ، أو علم بحرمة وطء إحدى المرأتين لكونها أخته من الرضاعة.
وقد يكون دائرا بين الأقل والأكثر ، وهذا ينقسم إلى قسمين ؛ لأن الأقل والأكثر قد يكونان ارتباطيين ؛ كما لو شك في كون السورة من أجزاء الصلاة أم لا ، فيكون الشك في أن أجزاء الصلاة هل هي تسعة أو عشرة مثلا.
وقد يكونان غير ارتباطيين ؛ كما لو شك في أن الدّين على ذمته عشر دنانير أو تسعة ؛ لكن هذا القسم من الأقل والأكثر حيث يؤول أمره إلى الشك في أصل التكليف ، إذ الفرض أنه لا يعلم أنه مديون بدينار آخر فوق تلك الدنانير التسعة أم لا.
فهو ليس مربوطا بمحل الكلام.
وعلى هذا فيقع الكلام في مقامين : الأول : في دوران الأمر بين المتباينين. والثاني : في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
توضيح بعض العبارات.
(١) أي : تردد المكلف به «بين المتباينين» وهما ما ليس أحدهما داخلا في الآخر ، ثم الشك في المكلف به قد يكون لتردده بين المتباينين ذاتا ؛ كدوران الواجب بين الصوم والصدقة ، أو عرضا كدورانه بين القصر والتمام فيما إذا علم بوجوب أحدهما إجمالا فإن التباين بينهما إنما هو لكون الركعتين الأولتين ملحوظتين في الأول بشرط لا ، وفي الثاني بشرط شيء ، ولذا لا ينطبق أحدهما على الآخر ، كما لا ينطبق أحد المتباينين ذاتا كالصوم والصدقة على الآخر.
والضابط في العلم الإجمالي المتعلق بالمتباينين هو : رجوعه إلى قضية منفصلة مانعة الخلو ، فيقال في المثال المذكور : «الواجب إما الصوم وإما الصدقة» ، وهذا يرجع إلى