المستحاضة مثلا لما (١) وجب موافقته بل جاز مخالفته (٢) ، وأنه (٣) لو علم فعليته ـ ولو كان (٤) بين أطراف تدريجية ـ لكان منجزا ووجب موافقته ، فإن التدرج لا يمنع عن
______________________________________________________
وأما إذا لم يكن التكليف المعلوم بالإجمال فعليا من جميع الجهات ؛ لأجل عدم العلم بتحقق موضوعه فعلا لم يكن منجزا ، فلا تجب موافقته ؛ بل جازت مخالفته القطعية ، كما إذا كانت المرأة مستمرة الدم من أول الشهر إلى آخره وعلمت بأنها في أحد ثلاثة أيام من الشهر حائض ، فإنه لا يجب عليها ولا على زوجها ترتيب أحكام الحيض في شيء من أيام الشهر ؛ إذ لا تكليف ما لم تصر الزوجة حائضا ، وليس قبل الحيض إلزام فعلي حتى تجب رعايته بترتيب الأحكام المختصة به في أيام الشهر.
فلها إجراء الأصل الموضوعي أعني : استصحاب الطهر من أول الشهر إلى أن تبقى ثلاثة أيام منه ، ثم ترجع في الثلاثة الأخيرة إلى أصالة البراءة عن الأحكام الإلزامية للحائض ، ولا مجال لاستصحاب عدم الحيض فيها ؛ إذ مع انقضاء زمان يسير من هذه الثلاثة الأخيرة تعلم المرأة بانتقاض الطهر في تمام الشهر ، إما في هذه الثلاثة وإما فيما انقضى من الأيام ، فلا مجال للاستصحاب ، فترجع حينئذ إلى الأصل المحكوم وهو أصالة الإباحة.
وعليه : فلهذه المرأة ترتيب جميع الأحكام التكليفية والوضعية ، فيجوز لها دخول المسجد كما يجوز لزوجها مباشرتها وطلاقها ؛ لأن موضوع حرمة دخول المسجد ووجوب الاعتزال وفساد الطلاق هو الحائض ، والمفروض : عدم إحرازه في شيء من أيام الشهر ، وحيث إنه لم يحرز الموضوع لم يكن الحكم المترتب عليه فعليا. فلا تجب موافقته ولا تحرم مخالفته.
وهناك كلام طويل متضمن لكون المصنف مخالفا للشيخ من حيث المبنى تركناه رعاية للاختصار.
(١) جواب «لو لم يعلم» ، وضمائر «موافقته ، مخالفته ، فعليته» راجعة على التكليف.
(٢) كما عرفت في مثال المرأة المستمرة دما في أيام الشهر.
(٣) عطف على «أنه لو لم يعلم» ، والضمير راجع على التكليف لو لم يكن للشأن.
(٤) بأن يكون وجود بعض الأطراف مترتبا زمانا على وجود الآخر ؛ كعلمه إجمالا بوجوب صوم أحد اليومين بالنذر ، فإن مجرد التدريجية لا تمنع عن الفعلية ؛ لصحة التكليف الفعلي بأمر استقبالي كصحته بأمر حالي ، حيث يكون الوجوب حاليا والواجب استقباليا ، كما هو الحال في الواجب المطلق الفصولي كالحج حيث إنه يستقر