الثاني (١) : أنه لما كان النهي عن الشيء إنما هو لأجل أن يصير داعيا للمكلف نحو
______________________________________________________
إذا عرفت ما ذهب إليه الشيخ من التفصيليين فاعلم : أن المصنف قد أورد على كلا التفصيليين بتقريب : أن الاضطرار من حدود التكليف فلا تكليف معه أصلا ، سواء كان سابقا أو لاحقا أو مقارنا له ؛ إذ التكليف مشروط بالاختيار حدوثا وبقاء فينتفي مع الاضطرار مطلقا.
٣ ـ إشكال قياس الاضطرار بفقدان بعض الأطراف ، فكما يجب الاحتياط بالنسبة إلى الباقي في صورة فقد بعض الأطراف ، كذلك يجب الاحتياط في صورة الاضطرار إلى بعض الاضطرار مدفوع بالفرق بين الاضطرار والفقدان ؛ لأن الأول من قيود التكليف وحدوده دون الثاني.
وعليه : فقياس الاضطرار اللاحق للعلم الإجمالي بفقدان بعض الأطراف بعد العلم الإجمالي قياس مع الفارق ، فيكون باطلا.
٤ ـ رأي المصنف «قدسسره» :
هو أن الاضطرار مطلقا مانع عن تنجز التكليف بالعلم الإجمالي.
في خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء
(١) الغرض من عقد هذا التنبيه : بيان شرط من شرائط فعلية الحكم ، وهو كون المكلف به موردا لابتلاء المكلف ، بمعنى : كونه مقدورا عاديا له.
وقد تعرض في هذا التنبيه لجهتين : إحداهما في اعتبار الابتلاء بالمتعلق في صحة توجيه الخطاب إلى المكلف.
وثانيتهما : في حكم الشك في الابتلاء بعد الفراغ عن اعتباره.
وقد تعرض الشيخ الأنصاري «قدسسره» لاعتبار هذا الأمر في خصوص التكاليف التحريمية ، وهو أول من اعتبر هذا الشرط مضافا إلى الشرائط العامة الأربعة في كل تكليف كما في بعض الشروح.
وكيف كان ؛ فيقع الكلام فعلا في الجهة الأولى وهو اعتبار الابتلاء بالمتعلق في صحة توجيه الخطاب إلى المكلف.
وتوضيح الكلام : فيها يتوقف على مقدمة وهي : أنه لا شك في اعتبار القدرة على جميع أطراف العلم الإجمالي في منجزيته واستحقاق العقوبة على مخالفته ، فيعتبر في صحة النهي عن الشيء أو الأمر به كون المتعلق مقدورا ، فلو كان بعض الأطراف غير مقدور للمكلف كان التكليف فيه ساقطا لا محالة ؛ لقبح التكليف بغير المقدور ، وهو في