الرابع (١) : أنه إنما يجب عقلا رعاية الاحتياط في خصوص الأطراف ، مما يتوقف
______________________________________________________
في حكم ملاقي بعض أطراف العلم الإجمالي
(١) الغرض من عقد هذا التنبيه هو : بيان حكم ملاقي بعض أطراف الشبهة التي تنجز فيها التكليف ، سواء كانت محصورة أم غيرها ، وإن اشتهر في الألسنة والكتب : جعل العنوان ملاقي الشبهة المحصورة.
قال في العروة : «ملاقي الشبهة المحصورة لا يحكم عليه بالنجاسة» (١). إلا إن هذا الاشتهار مبني على مذاق القوم الذين جعلوا مدار تنجيز العلم الإجمالي على حصر الأطراف ، دون المصنف «قدسسره» الذي جعل مداره على فعلية التكليف كما عرفت في التنبيه الثالث ، فعلى هذا المسلك يتعين جعل العنوان ملاقي بعض أطراف الشبهة التي تنجز فيها التكليف ؛ محصورة كانت أم غيرها.
وكيف كان ؛ فينبغي قبل الخوض في البحث بيان ما هو محل الكلام في هذا التنبيه فيقال : إن الكلام إنما هو فيما إذا كانت الملاقاة مختصة ببعض الأطراف لا جميعها ؛ إذ لو فرضنا أن شيئا لا في جميع الأطراف فهو معلوم النجاسة تفصيلا وخارج عن محل الكلام ، وكذا لو فرضنا شيئين لاقى أحدهما طرفا من العلم الإجمالي والآخر لاقى الطرف الآخر ، فلا إشكال في وجوب الاجتناب عن كلا الملاقيين ، كوجوب الاجتناب عن نفس الطرفين. فهذا الغرض أيضا خارج عن محل الكلام.
هذا تمام الكلام في بيان ما هو محل الكلام والنزاع.
وكيف كان ؛ فقد وقع الخلاف في حكم ملاقي بعض المشتبهين بالنجس ، بمعنى : أنه هل يحكم بتنجس ملاقيه مطلقا أم لا يحكم بتنجسه مطلقا ، أم فيه تفصيل؟ وجوه ؛ بل أقوال :
الأول : ما حكي عن العلامة في المنتهى وابن زهرة في الغنية من تنجس الملاقي ووجوب الاحتياط مطلقا.
الثاني : ما ذهب إليه المشهور من عدم تنجس ملاقي النجس مطلقا.
الثالث : ما أفاده المصنف في الكفاية من التفصيل بين صور ثلاث.
هذا بيان مجمل الوجوه والأقوال في المسألة. وأما وجه هذه الأقوال فيقال : إن القول الأول والثاني مبنيان على أن وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس هل هو من شئون الحكم وهو وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ من جهة الملازمة عرفا ، بين وجوب
__________________
(١) العروة الوثقى ١ : ١١٤ / المسألة ١٥٤.