.................................................................................................
______________________________________________________
إلى الواجبات العقلية ، وهي القرب إليه «جل وعلا» ، فإن التنزه عن القبائح تخلية للنفس عن الرذائل ، وفعل الواجبات تكملة وتحلية لها بالفضائل كما يرشد إليه قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) ، و (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) فالواجب تحصيل اللطف ، وهو يتوقف على الإتيان بالأكثر لأنه محصل له قطعا بخلاف الأقل ، فإنه يشك معه في تحقق تلك الواجبات العقلية ، فلا وجه للاقتصار عليه.
وبعبارة أخرى : أن قوله : «مع أن الغرض الداعي» إشارة إلى الوجه الثاني من المصنف على وجوب الاحتياط عقلا في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن في كون الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد أقوالا :
الأول : أن مشهور العدلية يقولون : إنها تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، بمعنى : أن في الصلاة مصلحة ملزمة ، وفي شرب الخمر مفسدة ملزمة ، فوجوب الصلاة تابعة للمصلحة فيها ، وحرمة شرب الخمر تابعة للمفسدة فيه.
الثاني : أن بعض العدلية يقول : بأن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد فيها لا في متعلقاتها ، بمعنى : أن أمر الشارع فيه مصلحة ، وكذلك نهيه نظير الأوامر الامتحانية.
الثالث : قول الأشاعرة حيث يقولون بعدم كون الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد أصلا ، ثم هناك خلاف آخر في علم الكلام ، حيث إن العدلية يقولون : بأن أفعال الله معللة بأغراض ، والأشاعرة ينكرون ذلك.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الأصوليين من العدلية يقولون بوجوب الاحتياط عقلا في موردين :
الأول : في الشك في محصل عنوان المأمور به نحو عنوان الصلاة مثلا ، فإذا شك في تحقق عنوان الصلاة المأمور بها عند ترددها بين الأقل وهو تسعة أجزاء ، وبين الأكثر وهو عشرة أجزاء مع العلم بتحقق عنوان الصلاة المأمور بها بالأكثر وهو الإتيان بعشرة أجزاء ، فيجب الإتيان بالأكثر احتياطا لتحصيل عنوان المأمور به.
الثاني : في الشك في محصل غرض المولى ، فإذا شك المكلف في محصل غرض المولى هل هو الأقل أو الأكثر ، مع علمه بأن الإتيان بالأكثر محصل للغرض قطعا ، فيجب عليه الإتيان بالأكثر احتياطا للعلم بتحصيل غرض المولى.