وحصول اللطف (١) والمصلحة في العبادة وإن كان يتوقف على الإتيان بها على وجه الامتثال ؛ إلا إنه لا مجال لاحتمال اعتبار معرفة الأجزاء وإتيانها على وجهها ،
______________________________________________________
أو إشارة إلى أن مجرد الاحتمال لا يكفي في لزوم الإتيان بالأكثر ؛ لأن الشك حينئذ في الاشتغال لا في الامتثال ؛ إذ الشك الشخصي في أن للمولى غرضا في المأمور به ، فالمجرى البراءة لا الاحتياط.
أو إشارة إلى أنه بعد احتمال كون الغرض الداعي إلى الأمر على مذهب بعض العدلية هو المصلحة في نفس الأمر لا المأمور به ، فلا يكون هنا علم بغرض قائم بفعل حتى يجب عليه إحرازه ؛ إذ لو كان قائما بنفس الأمر فليس مقدورا للعبد ؛ لعدم كون الأمر فعل العبد ؛ ومع احتمال قيام الغرض بالأمر لا ملزم بالاحتياط بفعل الأكثر لا عقلا ولا نقلا.
(١) هذا شروع في الإشكال على الوجه الثاني من جواب الشيخ «قدسسره» من تعذر استيفاء الغرض في العبادات ؛ لاحتمال دخل قصد وجه أجزائها في تحققه ، فيصير الشك في حصول الغرض الداعي إلى الأمر بدون قصد الوجه شكا في المحصل الذي يكون المرجع فيه قاعدة الاشتغال لا البراءة ، لكن يتعذر الاحتياط هنا ؛ لعدم المعرفة بوجه الأجزاء حتى يقصد ، فلا يبقى إلا الإتيان بما قام عليه البيان ، وهو الأقل تخلصا عن تبعة مخالفته.
والمصنف أورد عليه بوجوه :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «إلا إنه لا مجال ...» ، وبيانه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٦ ، ص ٢١٥» ـ أن حصول المصلحة في العبادات وإن كان منوطا بقصد الامتثال ؛ لكنه لا يتوقف على قصد وجه الأجزاء ؛ إذ لا منشأ لاحتمال اعتباره فيها ، فإنه مع هذا الاحتمال يخرج المقام ـ أعني : الأقل والأكثر الارتباطيين ـ عن الشك في المكلف به الذي يمكن معه الاحتياط ، ويندرج فيما يتعذر فيه الاحتياط ، مع أن من الواضح كون الارتباطيين كالمتباينين في إمكان الاحتياط بالإتيان بكلا الطرفين ، كما لو دار أمر العبادة بين القصر والتمام ، فإنه لو اعتبر في صحة الامتثال الجزم بالوجه لما أمكن فيها الاحتياط ؛ لعدم العلم بجزئية ما زاد على المتيقن ـ وهو الأقل ـ حتى يقصد المكلف وجوبه ، إلا مع التشريع المحرم ، فيترتب على اعتبار هذا القصد احتياطا خلاف الاحتياط لعدم التمكن منه ، مع أن البحث في المقام وفي المتباينين ليس في إمكان الاحتياط ؛ بل في لزومه وعدم لزومه بعد الفراغ عن إمكانه كما هو واضح.