وينبغي التنبيه على أمور :
الأول : أنه ظهر مما مرّ : حال دوران الأمر بين المشروط بشيء ومطلقه ، وبين الخاص كالإنسان وعامه كالحيوان (١) ، وأنه (٢) لا مجال هاهنا للبراءة عقلا (٣) ؛ بل كان الأمر فيهما (٤) أظهر ، فإن (٥) الانحلال المتوهم في الأقل والأكثر لا يكاد يتوهم هاهنا ، بداهة : أن (٦) الأجزاء التحليلية (٧) لا يكاد يتصف باللزوم من باب المقدمة
______________________________________________________
(١) المراد بالعام والخاص هنا هو : العام المنطقي كالحيوان والخاص المنطقي كالإنسان كما مثل بهما في المتن ، وهذا إشارة إلى موارد الدوران بين التعيين والتخيير كما إذا أمر المولى بإطعام حيوان وشك في دخل خصوصية الإنسانية فيه.
والوجه في كونه مثالا للتعيين والتخيير هو : أن الحيوان حيث لا تحقق له خارجا وذهنا بدون فصل من فصوله ، لأنه علة لوجود ماهية الجنس ، ولذا لا يكون عروض الوجود لها كعروض الأعراض لموضوعاتها ؛ بل عروضه لها مجرد التصور مع اتحادهما هوية ، وأن الوجود لها من قبيل الخارج المحمول ، فمرجع الشك فيه إلى أنه أمر بإطعام حيوان مخيرا بين فصوله ، أو معينا في فصل الناطقية مثلا ، وقد يمثل شرعا بدوران مطلوبية مطلق الذكر في الركوع والسجود أو خصوص التسبيحة.
(٢) عطف تفسيري لقوله : «حال دوران» ، وضمير «أنه» للشأن.
(٣) وأما نقلا : فسيأتي الكلام فيه ، والمراد بقوله : «هاهنا» الأجزاء التحليلية.
(٤) يعني : في المطلق ومشروطه والعام وخاصه ، ووجه أظهرية المقام من الواجب المردد بين الأقل والأكثر في الأجزاء الخارجية هو : توقف الانحلال أولا : على الالتزام بوجوب المقدمة غيريا ، وثانيا : على تعميم المقدمة لما يكون مستقلا في الوجود كالسورة ، ولما لا يكون كذلك وهو التقيد ولو فرض تسليم الأمر الأول لكن الثاني ممنوع.
(٥) تعليل للإضراب المدلول عليه بكلمة «بل كان» فهو تعليل للأظهرية.
(٦) تعليل لفساد توهم الانحلال هنا.
(٧) قد يطلق الجزء التحليلي ويراد منه الجزء المقوم كالفصل للنوع.
وقد يطلق ويراد به كل ما يقابل الجزء الخارجي ، فيعم موارد الدوران بين الجنس والفصل ، وبين المطلق والمشروط ، وبين المطلق والمقيد. وغرضه هنا : كل ما يكون في قبال الجزء الخارجي ، وذلك بقرينة قوله : «بين المشروط بشيء ومطلقه» حيث إن التقيد جزء ذهني.