الثاني (١) : أنه لا يخفى أن الأصل فيما إذا شك في جزئية شيء أو شرطيته في
______________________________________________________
الشك في إطلاق الجزء والشرط لحال النسيان
(١) الغرض من عقد هذا الأمر : بيان حكم الجزء أو الشرط المتروك نسيانا ، كقراءة السورة والطهارة في الصلاة ، فيقع البحث في أن النسيان هل يوجب ارتفاع الجزئية أو الشرطية أم لا فيما لا يكون لدليليهما إطلاق يشمل حال النسيان؟
وقبل الخوض في البحث ، ينبغي بيان ما هو محل الكلام في المقام.
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الشك قد يكون في أصل جزئية شيء أو شرطيته ، وهذا خارج عن محل الكلام ، وقد تقدم تفصيل البحث عنه.
وقد يكون الشك في عموم جزئية شيء أو شرطيته لحال النسيان بعد العلم بأصل الجزئية أو الشرطية. وهنا احتمالات :
الأول : هو العلم باختصاص الجزئية والشرطية بحال الذكر والالتفات ، ولازم ذلك : عدم وجوب الإعادة عند ترك الجزء أو الشرط نسيانا.
الثاني : هو العلم بالجزئية أو الشرطية في جميع الأحوال حتى حال السهو والنسيان ، ولازم ذلك : وجوب الإعادة لبطلان الصلاة لأجل نقصان الجزء أو الشرط.
الثالث : هو الشك في اختصاصهما بحال الذكر والالتفات أو عدم الاختصاص بهما ؛ بل كون الجزئية والشرطية في جميع الأحوال. إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن محل الكلام هو هذا الاحتمال الثالث ، فيقع الكلام في أنه إذا نقص جزء من أجزاء العبادة سهوا ونسيانا ، فهل الأصل بطلانها أم لا؟ فاختار الشيخ «أعلى الله مقامه» بطلانها لعموم جزئية الجزء وشمولها لحالتي الذكر والنسيان جميعا ، ثم أشكل على نفسه بما ملخصه : أن عموم جزئية الجزء لحال النسيان إنما يتم إذا أثبتت الجزئية بدليل لفظي مثل قوله : «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» (١) ، دون ما إذا ثبتت بدليل لبي لا إطلاق له ، كما إذا قام الإجماع على جزئية شيء في الجملة ، واحتمل اختصاصها بحال الذكر فقط. وحينئذ : فمرجع الشك إلى الشك في الجزئية في حال النسيان ، فيرجع فيها إلى
__________________
(١) الرواية عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر «عليهالسلام» نصها هكذا : (سألته عن الذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته ، قال : «لا صلاة له إلا أن يبدأ بها في جهر أو إخفات». الكافي ٣ : ٣١٧ / ٢٨ ، تهذيب الأحكام ٢ : ١٤٦ / ٥٧٣ ، الاستبصار ١ : ٣١ / ١١٥٢ ، أو قوله لسماعة : «فليقرأها ما دام لم يركع ، فإنه لا قراءة حتى يبدأ بها» ، تهذيب الأحكام ٢ : ١٤٧ / ٦٧٤. أو عنه «صلىاللهعليهوآله» : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». مسند أحمد ٥ : ٣١٤ ، صحيح البخاري ١ : ١٨٤.