يكون (١) قضية الميسور كناية عن عدم سقوطه بحكمه ، حيث (٢) إن الظاهر من مثله هو ذلك (٣) ، كما إن الظاهر من مثل «لا ضرر ولا ضرار» هو نفي ما له من تكليف أو وضع لا (٤) أنها عبارة عن عدم سقوطه بنفسه وبقائه على عهدة المكلف كي لا يكون
______________________________________________________
(١) هذا مبين لكون سقوط الميسور بماله من الحكم ، وقد مر آنفا تقريبه بقولنا : «ومحصل الدفع أن لا يسقط ...» الخ. فقوله : «بحكمه» أي : بما للميسور من الحكم واجبا كان أم مستحبا.
(٢) غرضه : الاستشهاد على كون قضية الميسور كناية عن عدم سقوط حكمه بأن الظاهر من مثل هذا الكلام النافي لموضوع أو المثبت له هو نفي الحكم عن الموضوع أو إثباته له ، حيث إن نفي الموضوع أو إثباته شرعا لا يراد منه الرفع التكويني أو الإثبات كذلك ؛ لمنافاة التكوين للتشريع ، ومن المعلوم : أن مورد الرفع والوضع التشريعيين هو الحكم ، فإثبات الموضوع شرعا أو نفيه كذلك لا معنى له إلا إثبات حكمه أو نفيه ، نظير «لا ضرر» ، فإن نفي الضرر الخارجي كذب ، فالمراد به : نفي حكمه مطلقا تكليفيا كان أم وضعيا ، وهذا التعبير عن ثبوت الحكم بلسان ثبوت موضوعه ونفيه بلسان نفي موضوعه شائع متعارف ، وضميرا «سقوطه ، بحكمه» راجعان على الميسور ، وضمير «مثله» راجع على «الثاني» المراد به «الميسور لا يسقط بالمعسور» ، والمراد ب «مثله» : كل ما هو بلسانه من إثبات الموضوع أو نفيه.
(٣) أي : عدم سقوطه بحكمه ، وحاصله : أن إثبات الموضوع ونفيه في الخطابات الشرعية كناية عن إثبات حكمه شرعا أو نفيه كذلك.
(٤) يعني : لا أن قضية الميسور عبارة عن عدم سقوط الميسور بنفسه وبقائه على عهدة المكلف حتى تختص القاعدة بالواجبات ولا تشمل المستحبات ؛ لاختصاص العهدة بالواجبات.
والحاصل : أن الجمود على ظاهر إسناد عدم السقوط إلى نفس الميسور يقتضي أن يكون نفس الميسور ثابتا في الذمة ، وحيث إنه لا عهدة في المستحبات فيختص بالواجبات ، ولا يشمل المستحبات.
ولكن أورد عليه : بأن الظاهر من ثبوت الموضوع شرعا ونفيه كذلك هو ثبوت الحكم أو نفيه عنه ، وعليه : فيدل «الميسور لا يسقط بالمعسور» على ثبوت حكمه مطلقا وجوبا كان أم مستحبا ، فتجري قاعدة الميسور في المستحبات بلا عناية وتكلف ، وضمائر «سقوطه ، بنفسه ، بقائه» راجعة على الميسور.