ثم إنه (١) حيث كان الملاك في قاعدة الميسور هو صدق الميسور على الباقي عرفا (٢) ، كانت القاعدة جارية مع تعذر الشرط أيضا (٣) ، لصدقه (٤) حقيقة عليه مع
______________________________________________________
(١) «الضمير للشأن وغرضه من هذه العبارة : بيان موارد قاعدة الميسور ، وأنها تجري في تعذر كل من الجزء والشرط ، ولا تختص بتعذر الجزء كما هو خيرة الشيخ «قدسسره» حيث قال : «وأما القاعدة المستفادة من الروايات المتقدمة ـ يعني : بها قاعدة الميسور ـ فالظاهر عدم جريانها» يعني : عند تعذر أحد الشروط ، وإن اختار في أثناء كلامه جريان القاعدة في بعض الشروط التي يحكم العرف ولو مسامحة باتحاد المشروط الفاقد له مع الواجد له كاتحاد الصلاة الفاقدة للطهارة والستر والاستقبال مثلا للواجدة لها.
وكيف كان ؛ فالمعتبر في جريان قاعدة الميسور عند المصنف «قدسسره» هو صدق الميسور عرفا على الفاقد ، سواء كان المفقود جزءا أو شرطا ، حيث إن وزان هذه القاعدة وزان الاستصحاب في إبقاء الحكم السابق للباقي من حيث كون الفاقد هو الواجد ، وإلا لم يكن إبقاء لذلك الحكم بل كان تشريعا لحكم جديد لموضوع مباين» (١).
(٢) الوجه في اعتبار صدق الميسور عرفا على الباقي في جريان القاعدة فيه هو : عدم صدق بقاء الحكم السابق كما مر آنفا ، وعدم سقوطه إلا إذا كان الباقي ميسورا للواجد حتى يكون الفاقد هو الواجد عرفا ، والحكم الثابت له فعلا هو نفس الحكم الذي كان له قبل تعذر بعض الأجزاء. وعليه : فلا يصدق ميسور الشيء إلا على ميسور الأجزاء والشرائط ، ولا يصدق على ميسور الأفراد الملحوظة بنحو العام الاستغراقي كما مر سابقا ، فإن الحج الميسور في هذه السنة ليس ميسور الحج في العام الماضي.
(٣) يعني : كما تجري القاعدة مع تعذر الجزء ، وهذا تعريض بما أفاده الشيخ «قدسسره» أولا من عدم جريان قاعدة الميسور في تعذر الشرط وإن عدل عنه أخيرا ، والتزم بجريانها في بعض الشروط كما مر آنفا.
(٤) تعليل لجريان القاعدة في تعذر الشرط.
وحاصل التعليل : صدق الميسور على فاقد الشرط ، وهذا هو المناط في جريان القاعدة ، وضمير «صدقه» راجع على الميسور ، وضمير «عليه» إلى الباقي ، وضمير «تعذره» إلى الشرط و «حقيقة ، عرفا» قيدان ل «صدقه» يعني : أن صدق الميسور على فاقد الشرط يكون بنظر العرف على وجه الحقيقة لا المجاز.
__________________
(١) منتهى الدراية ٦ : ٣٥٤.