تذنيب (١) : لا يخفى أنه إذا دار الأمر بين جزئية شيء أو شرطيته وبين مانعيته أو
______________________________________________________
في دوران الأمر بين الجزئية والشرطية وبين المانعية والقاطعية
(١) الغرض من عقدة : بيان حكم شيء دار أمره بين الجزئية والمانعية والقاطعية ، أو بين الشرطية والمانعية والقاطعية ، ولا بد قبل التعرض لحكمه من بيان صوره وهي أربعة :
الأولى : دوران شيء بين جزئيته ومانعيته كالاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام ؛ لاحتمال كل من جزئيتها ومانعيتها ، وكالسورة الثانية لاحتمال جزئيتها ومانعيتها ، وكونها مبطلة للصلاة بناء على مبطلية القران بين السورتين.
الثانية : دورانه بين جزئيته وقاطعيته ، كما إذا فرض أن الاستعاذة إن لم تكن جزءا كانت من القواطع المبطلة للصلاة ، وإن وقعت بين الأجزاء ، لا في الأجزاء ، وهذا هو الفارق بين القاطع وبين المانع الذي تختص مبطليته بما إذا وقع في نفس الأجزاء ، ويعبّر عن بعض الموانع بالقاطع ؛ لكونه قاطعا للهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة على ما قيل.
وهناك فرق آخر بين المانع والقاطع وهو : أن الأول يمنع عن تأثير المقتضي فيقابل الشرط الذي يكمل اقتضاء المقتضي ، ويوجب إتمام تأثيره ، وأما الثاني : فهو ما يتخلل بين الأجزاء ويقطع المقتضي ، فهو يمنع عن وجود المقتضي ، بينما الأول يمنع عن تأثيره بعد وجوده.
الثالثة : دورانه بين الشرطية والمانعية ؛ كالجهر بالقراءة في ظهر الجمعة للقول بوجوبه أي : شرطيته ، والقول بمبطليته أي : مانعيته.
الرابعة : دورانه بين الشرطية والقاطعية ؛ كجواب السلام في أثناء الصلاة إذا شك في أنه شرط أو قاطع.
إذا عرفت صور الدوران ، فاعلم : أن المصنف «قدسسره» بنى على جريان حكم المتباينين فيها ، حيث إنه لا جامع بين المشروط بشيء والمشروط بشرط لا ، فلا يمكن الإتيان بهما معا ، مثلا : إذا كان الجهر بالقراءة واجبا كانت الأجزاء مشروطة بوجوده ، وإذا كان الإخفات واجبا والإجهار مبطلا كانت الأجزاء مشروطة بعدم الجهر ، ولا جامع بين الوجود والعدم ، فلا يمكن الإتيان بالطبيعة المأمور بها في واقعة واحدة إلا بأحدهما ، ويمكن الاحتياط بإتيانها مع كليهما في واقعتين. وهذا هو ضابط المتباينين ، فلا يكون المقام من قبيل دوران الأمر بين المحذورين حتى يكون الحكم فيه التخيير كما ذهب إليه الشيخ «قدسسره» ، بتقريب : أنه على تقدير جزئيته أو شرطيته يجب الإتيان به ،