نعم (١) ؛ لا بأس بالإشكال فيه في نفسه ، كما أشكل فيه برأسه ، بملاحظة توهم استلزام النصب لمحاذير تقدم الكلام في تقريرها ما هو التحقيق في جوابها في جعل الطرق ، غاية الأمر : تلك المحاذير ـ التي تكون فيما إذا أخطأ الطريق المنصوب ـ كانت (٢) في الطريق المنهي عنه في مورد الإصابة ؛ ولكن من الواضح ، أنه لا دخل
______________________________________________________
(١) استدراك على قوله : «وأنت خبير بأنه لا وقع لهذا الإشكال».
وغرضه : أن الإشكال في النهي عن القياس يكون من جهتين :
الأولى : من جهة حكم العقل بالإطاعة الظنية ، وقد تقدم دفعه.
الثانية : من جهة نفس نهي الشارع عن العمل بالظن الحاصل من القياس ؛ إذ لو فرض إصابته للواقع لم يصح النهي عنه ؛ لأنه موجب لفوات الواقع.
توضيح ذلك ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٦٠» ـ أنه إذا قام ظن قياسي على وجوب شيء أو حرمته ، وكان مصيبا للواقع ، فالنهي عن العمل به يستلزم المحذور الملاكي من فوات المصلحة أو الوقوع في المفسدة والمحذور الخطابي ، لكونه واجبا بحسب الواقع ، وحراما بسبب النهي عنه ، فكما أن الأمر بالطريق غير المصيب مستلزم لترتب المحاذير المذكورة عليه فكذلك النهي عن الطريق المصيب ـ وهو هنا القياس ـ مستلزم لترتب تلك المحاذير ، نعم ؛ لا يترتب شيء منها على القياس المخطئ ، كما إذا أفاد القياس الظن بوجوب صلاة الجمعة مثلا وكان مخطئا ، فإن مقتضى النهي عن القياس هو حرمة البناء على وجوب صلاة الجمعة ، والمفروض : عدم وجوبها أيضا. هذا كله فيما عدا اجتماع المثلين من المحاذير الخطابية ، وأما هو ففي الأمر بالطرق مترتب على الطريق المصيب ، وهنا مترتب على القياس المخطئ ، كما إذا أدى القياس إلى جواز تناول العصير العنبي مع حرمته واقعا ، فإنه يجتمع فيه الحرمة الواقعية مع حرمة العمل بالقياس.
وبالجملة : فدفع إشكال النهي عن القياس من الجهة الأولى ـ كما تقدم ـ لا يغني عن دفعه من الجهة الثانية.
وضمير «فيه» و «نفسه» راجعان على النهي ، والضمير في «فيه» و «برأسه» راجعان على الأمر.
وغرضه : أن إشكال المحاذير المتقدمة في كلام ابن قبة. وارد في النهي عن القياس ؛ كوروده في الأمر بالطريق ، وقد عرفت توضيح ذلك. والمراد بالمحاذير في قوله : «لمحاذيره هي المحاذير الخطابيّة والملاكية كما عرفت.
(٢) خبر «تلك المحاذير» ، والجملة خبر «غاية الأمر» ، و «في مورد الإصابة» خبر