المنع عنه ، فضلا عما إذا ظن كما أشرنا إليه في الفصل السابق (١) ، فلا بد (٢) من الاقتصار على ظن قطع بعدم المنع عنه (٣) بالخصوص (٤) ، فإن كفى (٥) وإلا فبضميمة ما لم يظن المانع عنه ؛ وإن احتمل (٦) مع قطع النظر عن مقدمات الانسداد وإن انسد باب هذا الاحتمال معها كما لا يخفى ، وذلك (٧) ضرورة : أنه لا احتمال مع
______________________________________________________
كالشهرة على المنع عن ظن آخر ؛ كالظن الحاصل من الاستحسان.
لكن قد عرفت هناك : عدم استحالة المنع ؛ بل إمكانه ووقوعه كالمنع عن القياس نظرا إلى أن حكم العقل بحجية الظن تعليقي لا تنجيزي.
(١) حيث قال : «ضرورة : عدم استقلاله بحكم مع احتمال وجود مانعة على ما يأتي تحقيقه في الظن المانع والممنوع».
(٢) هذا نتيجة عدم استقلال العقل بحجية ظن ظن أو احتمل المنع عنه ، وعلى هذا : فاستقلال العقل بحجية الظن لا يكون في مورد الظن بالمنع أو احتماله ؛ بل ينحصر في مورد واحد ، وهو القطع بعدم ردع الشارع عنه.
(٣) كخبر الواحد الذي يعلم بعدم الردع عنه بالخصوص.
(٤) يعني : لا بنحو العموم المقتضي لعدم حجية شيء من الظنون ، مثل قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) الدال على عدم حجية شيء من الظنون ضرورة : أنه لا عبرة بهذا النهي العام ؛ للزوم رفع اليد عنه بدليل الانسداد المقتضي لحجية الظن.
(٥) يعني : فهو المطلوب ، ولم يجز التعدي عنه إلى موهوم المنع أو مشكوكه ، فضلا عن محتمله أو مظنونه ؛ «وإلا» أي : وإن لم يكف ما قطع بعدم الردع عنه بالخصوص في استفادة الأحكام ، فلا بد من ضم ما يحتمل المنع عنه إليه ، دون ما ظن المنع عنه.
(٦) أي : وإن احتمل المنع عن بعض الظنون بلحاظ حال الانفتاح ، فإن ذلك الاحتمال مانع عن حجيته حاله لا حال الانسداد ؛ لعدم العبرة ـ حال الانسداد ـ باحتمال المنع. وضمير «معها» راجع على المقدمات. فمعنى العبارة : «وإن انسد باب هذا الاحتمال» أي : احتمال المنع مع وجود مقدمات الانسداد. وإنما قيدنا الظن المحتمل منعه بكون احتمال منعه قبل مقدمات الانسداد ؛ لأن الظن المحتمل منعه بعد تمامية مقدمات الانسداد حاله حال الظن المقطوع منعه ؛ لما عرفت ـ في فصل الظن القياسي ـ من أن احتمال المنع كالقطع بالمنع في خروج الظن عن حكم العقل بحجية مطلق الظن تخصصا.
(٧) أي الذي ذكرنا من كون احتمال المنع قبل مقدمات الانسداد غير ضار ، «ضرورة : أنه لا احتمال» للمنع «مع الاستقلال» للعقل بحجية كل ظن.