فصل
لا فرق (١) في نتيجة دليل الانسداد بين الظن بالحكم من أمارة عليه ، وبين الظن به من أمارة متعلقة بألفاظ الآية أو الرواية ؛ كقول اللغوي فيما يورث الظن بمراد الشارع من لفظه ، وهو واضح.
______________________________________________________
الظن بألفاظ الآية أو الرواية
(١) أي : لا فرق في عموم النتيجة بين حصول الظن بالحكم الشرعي من أمارة عليه بلا واسطة ؛ كما إذا قامت الشهرة على وجوب شيء أو حرمته ، وبين حصول الظن بالحكم الشرعي من أمارة عليه مع الواسطة ؛ كالظن الحاصل من أمارة على تفسير لفظ من ألفاظ الكتاب أو السنة ؛ «كما إذا قال اللغوي : إن الصعيد هو مطلق وجه الأرض ، فأورث الظن في قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) بجواز التيمم بالحجر مثلا ، مع وجود التراب الخالص». أو على وثاقة راو ينقل الحكم عن المعصوم «عليهالسلام» ، فأورث الظن بذلك الحكم.
والوجه في عدم الفرق : هو إطلاق حكم العقل بحجية الظن حال الانسداد ، فلا فرق عنده بين ظن يوصلنا إلى الحكم الواقعي بلا واسطة ، أو مع الواسطة ، فلا حاجة إلى إعمال انسداد آخر صغير في مثل هذه الموارد «أي : موارد الرجوع إلى قول اللغوي ، وعلماء الرجال» ؛ بل يكفي جريان مقدمات الانسداد الكبير في معظم أحكام الفقه.
ثم إن الظن الحاصل من قول اللغوي حجة إذا كان متعلقا بحكم شرعي ، وليس بحجة في تشخيص موضوعات الأحكام ؛ كالألفاظ الواردة في رسائل الوصية أو الوقف ؛ لأن المفروض : هو انسداد باب العلم والعلمي في الأحكام ، فتكون مقدمات الانسداد تامة في خصوص الأحكام لا الموضوعات. هذا خلاصة الكلام في المقام.
وكيف كان ؛ فالغرض من عقد هذا الفصل : التنبيه على أن مقتضى إنتاج مقدمات الانسداد : حجية الظن بمناط الأقربية إلى الواقع ، وقبح ترجيح المرجوح على الراجح هو حجية الظن مطلقا ، سواء تعلق بالحكم الشرعي بلا واسطة أو معها كما عرفت ؛ إذ بعد حجية مطلق الظن بالانسداد لا فرق في الحجية بين تعلقه بالحكم الشرعي بلا واسطة ؛