خاتمة يذكر فيها أمران استطرادا :
الأول (١) : هل الظن كما يتبع عند الانسداد ـ عقلا ـ في الفروع العملية المطلوب فيها أولا العمل بالجوارح ، يتبع في الأصول الاعتقادية المطلوب فيها عمل الجوانح من
______________________________________________________
الظن في الأمور الاعتقادية
(١) الغرض من عقد هذا الأمر الأول : هو بيان حكم الظن الانسدادي من حيث الحجية وعدمها في الأمور الاعتقادية حال الانسداد ، بمعنى : أن الظن الانسدادي هل يكون حجة في الأمور الاعتقادية حال الانسداد كما هو حجة في الفروع العملية أم لا؟ يقول المصنف «قدسسره» : إن الحق عدم حجيته فيها ؛ كما أشار إليه بقوله : «الظاهر لا».
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي إن الأمور الاعتقادية ـ على ما يظهر من المصنف «قدسسره» ـ على قسمين :
الأول : ما لا يجب على المكلف تحصيل العلم واليقين به لا عقلا ولا شرعا ، وهو ما يكون متعلق الوجوب فيه نفس عقد القلب والالتزام بما هو الواقع ، من دون أن يتعلق تكليف بلزوم تحصيل المعرفة به ، ثم عقد القلب به عن علم ؛ إلا إذا حصل له العلم به أحيانا ، فيجب بحكم العقل والشرع الاعتقاد به وعقد القلب له ، ولا يجوز له الإنكار والجحود كتفاصيل البرزخ والمعاد ؛ من سؤال القبر والصراط والحساب والكتاب والميزان والجنة والنار وغيرها. هذا ما أشار إليه المصنف بقوله : «فإن الأمر الاعتقادي وإن انسد باب القطع به إلا إن باب الاعتقاد إجمالا ـ بما هو واقعه والانقياد له وتحمله ـ غير منسد» ، فهذا القسم ما لا يجب فيه تحصيل العلم حال الانفتاح حتى يجب تحصيل الظن حال الانسداد.
والقسم الثاني : ما يكون متعلق الوجوب فيه معرفته والعلم به ليكون الاعتقاد به عن علم ، فيجب على المكلف تحصيل العلم به تفصيلا بحكم العقل ، ثم الاعتقاد به وعقد القلب عليه عن علم ؛ كالتوحيد والنبوة والإمامة. وهذا ما أشار إليه المصنف بقوله : «نعم ؛ يجب تحصيل العلم في بعض الاعتقادات لو أمكن من باب وجوب المعرفة لنفسها».
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الحق عدم حجية الظن في الأمور الاعتقادية.
أما عدم اعتبار الظن في القسم الأول : فلما عرفت من عدم اعتبار العلم فيه حتى يقوم الظن مقامه مع الانسداد ، فإن المطلوب فيه ـ وهو الاعتقاد والتسليم بما هو في الواقع ـ يحصل بدون العلم والظن ، بداهة : حصول الانقياد بمجرد عقد القلب على الأمر