الثاني (١) : الظن الذي لم يقم على حجيته دليل ، هل يجبر به ضعف السند أو
______________________________________________________
جبر السند أو الدلالة بالظن غير المعتبر
(١) هذا هو الأمر الثاني من الأمرين اللذين يذكران في الخاتمة استطرادا ، والمقصود من عقده : هو بيان حكم الظن غير المعتبر من حيث كونه جابرا لضعف سند رواية أو كاسرا لصحته أو قوته ، أو مرجحا لدلالة رواية على دلالة رواية أخرى حال التعارض ، وقد جعل البحث فيه في مقامين :
الأول : في الظن غير المعتبر الذي يكون عدم اعتباره بمقتضى الأصل الأولي ، المقتضي لحرمة العمل بالظن ، من دون قيام دليل على حجيته لا بالخصوص ولا بدليل الانسداد ؛ كالشهرة في الفتوى ، والأولوية الظنية ، والاستقراء إذا فرضنا فيها ذلك.
الثاني : في الظن غير المعتبر ، الذي يكون عدم اعتباره للدليل على عدم حجيته بالخصوص كالقياس.
أما المقام الأول : فقد اختلفوا فيه ، وأن هذا الظن غير المعتبر هل يكون جابرا لضعف سند الرواية أو دلالتها ؛ بحيث يوجب حجية الرواية سندا أو دلالة ، أو يكون موهنا لهما ؛ كما إذا كان الخبر صحيحا مثلا ولكن قام الظن غير المعتبر على خلافه ، فهل هذا الظن موهن لصحته وكاسر لسورة حجيته ، أو يكون مرجحا لأحد المتعارضين إذا كان على طبق أحدهما ، أم لا يكون كذلك؟
ومجمل ما أفاده المصنف في المقام : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ١٢٦» ـ أن المعيار في الجبر بهذا الظن غير المعتبر هو : كونه موجبا. لاندراج ما يوافقه من الخبر مثلا تحت دليل الحجية ، فإن أوجب اندراجه في دليل الحجية كان جابرا له ؛ وإلا فلا ، فإذا كان هناك خبر ليس بنفسه مظنون الصدور ، وفرضنا أن موضوع دليل الاعتبار هو الخبر المظنون صدوره مطلقا ، يعني : سواء حصل الظن بالصدور من نفس السند لوثاقة الرواة ، أم غير السند ؛ كالظن غير المعتبر المبحوث عنه في المقام الموافق للخبر المذكور : كانت موافقة هذا الظن لهذا الخبر جابرة لضعف سنده ؛ لأنها موجبة لاندراج الخبر المذكور تحت موضوع دليل الاعتبار.
وذا كان هناك خبر ضعيف ـ لعدم كون جميع رواته عدولا ـ وفرضنا أن موضوع دليل الاعتبار هو خبر العادل أي : الذي يكون جميع رواته عدولا : لم تكن موافقة الظن غير المعتبر للخبر المذكور جابرة لضعف سنده ، وموجبة لاندراجه في موضوع دليل الاعتبار وهو خبر العادل ؛ لعدم كون جميع رواته عدولا حسب الفرض.