نعم (١) ؛ دلالته في المورد الأول على الاستصحاب مبني على أن يكون المراد من اليقين في قوله «عليهالسلام» : «لأنك كنت على يقين من طهارتك» اليقين بالطهارة
______________________________________________________
مضافا إلى أن التعبير ب «ليس ينبغي ...» الخ مما يختص بموارد العتاب أظهر في إفادة التعليل بكبرى ارتكازية ، ولم يرد مثل هذا التعبير في الصحيحة الأولى.
(١) استدراك على ظهور دلالة هذه الصحيحة على حجية الاستصحاب مطلقا ، وإثبات قصور الجملة الثالثة ـ وهي المورد الأول ـ عن إثبات المقصود.
وتوضيح الإشكال والقصور يتوقف على مقدمة وهي : أن في لفظ اليقين ـ في قوله «عليهالسلام» : «لأنك كنت على يقين من طهارتك» ـ احتمالين :
أحدهما : أن يكون المراد باليقين هو اليقين بالطهارة الحاصل بالنظر والفحص ؛ لا اليقين بطهارة الثوب قبل الفحص ، بناء على أن يكون قول الراوي : «فلم أر شيئا» كناية عن حصول العلم له بالطهارة بسبب النظر والفحص ، فالشك الحاصل بعد الصلاة يسري إلى اليقين المتحقق بالنظر والفحص ، وبسراية الشك إليه يندرج في قاعدة اليقين ويصير أجنبيا عن الاستصحاب.
ثانيهما : أن يكون المراد باليقين هو الحاصل قبل ظن الإصابة ، فيكون قوله : «فلم أر شيئا» كناية عن عدم العلم بالإصابة ـ لا العلم بالإصابة كما هو مقتضى الاحتمال الأول ـ والمراد بالشك هو احتمال وقوع النجاسة بعد ذلك اليقين ، فإذا كان عالما بطهارة الثوب قبل الصلاة بساعتين مثلا ، ثم ظن بالإصابة في الساعة الثالثة ، فتفحص ولم يجد النجاسة وصلى ، وبعد الصلاة رأى النجاسة في الثوب ، واحتمل وقوعها على الثوب قبل الصلاة ، فلا يوجب الظن بالإصابة زوال اليقين السابق على هذا الظن.
إذا عرفت هذه المقدمة تعرف : أن الاستدلال بهذه الصحيحة على حجية الاستصحاب مبني على أن يكون المراد باليقين هو اليقين بالطهارة قبل الظن بالإصابة ـ وهو الاحتمال الثاني ـ لا اليقين بها الحاصل بالنظر والفحص ـ الزائل بالشك ، كما هو مقتضى الاحتمال الأول ؛ إذ لو أريد به هذا اليقين لم ينطبق على الاستصحاب ؛ بل على قاعدة اليقين لزواله بسريان الشك إليه ، بخلاف اليقين قبل النظر والفحص ، فإنه بعد الصلاة باق أيضا كسائر موارد الاستصحاب.
والمصنف استظهر من قوله : «فلم أر شيئا» هذا الاحتمال ، ولعله لأجل عدم استلزام عدم الوجدان لعدم الوجود دائما أو غالبا حتى يكون الاستلزام العادي أو الغالبي قرينة على إرادة اليقين الحاصل بسبب الفحص ، وعدم الظفر بالنجاسة.