.................................................................................................
______________________________________________________
وتوضيح هذا الوجه الثاني من الجواب يتوقف على مقدمة وهي بيان أمرين :
الأمر الأول : أن الحركة تتوقف على أمور ستة :
الأول والثاني : ما منه الحركة ، وما إليه الحركة ، وهما المبدأ والمنتهى.
الثالث : ما به الحركة وهو السبب والعلة الفاعلية لوجودها.
الرابع : ما له الحركة وهو الجسم المتحرك الثابت له الحركة.
الخامس : ما فيه الحركة وهي المقولة التي تكون حركة الجسم في تلك المقولة.
السادس : الزمان الذي تقع فيه الحركة. هذا تمام الكلام في الأمر الأول.
الأمر الثاني : أن الحركة كما نبه عليها المصنف على قسمين : قطعية وتوسطية.
والفرق بينهما : أن الحركة القطعية هي كون الشيء في كل آن في حد أو مكان إذا كانت الحركة في المكان كحركة السائر بين نقطتين ، فإن مكانه في آن غير مكانه في الآن السابق ، أو كون الشيء في حد غير الحد السابق إذا كانت الحركة في غير المكان ، كما إذا كانت في الكم كحركة الجسم النامي كالشجر والطفل إذا أخذا في النمو ، أو في الكيف كصيرورة الماء البارد حارا أو الورق الأخضر من الشجر أصفر ، ونحو ذلك ، أو في الوضع كصيرورة القائم قاعدا أو العكس.
وعليه : فالحركة في أيّ مقولة كانت هي الصورة المرتسمة في الخيال المنتزعة عن الأكوان المتعاقبة الموافية للحدود الواقعة بين المبدأ والمنتهى ، فهذه الأكوان أجزاء لهذه الحركة ، وهي متفرقة في الخارج ومجتمعة في الخيال.
وأما الحركة التوسطية فهي عبارة عن كون الشيء بين المبدأ والمنتهى ؛ كالسائر بين بلدين كالسائر بين البصرة والكوفة ، فإذا خرج زيد ماشيا من البصرة إلى الكوفة ، فكونه في كل آن في مكان هي حركته القطعية ، وكونه بين البصرة والكوفة هي حركته التوسطية.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن الانصرام والتدرج في الوجود شيئا فشيئا المانع عن الاستصحاب. أما من ناحية تبدل الموضوع أو المحمول فإنما هو في الحركة القطعية ، وهي كون الشيء في كل آن في حد أو مكان لا الحركة التوسطية ، وهي كون الشيء بين المبدأ والمنتهى ، فإن الحركة بهذا المعنى أمر مستمر قار.
وعليه : فلا مجال للإشكال في استصحاب الليل والنهار ، فإن الليل عبارة عن كون