والتحقيق (١) : أن الأخبار إنما تدل على التعبد بما ...
______________________________________________________
(١) هذا شروع في المقام الثاني ، وهو بيان أحد المعاني المذكورة ؛ بحيث يكون هو المدار في مقام الاستدلال ، وإجماله : تعيّن الاحتمال الأول ، وهو كون التنزيل بلحاظ أثر نفس المتيقن بلا واسطة. وتفصيله منوط ببيان أمور :
الأول : أنه قد تقدم كون مفاد «لا تنقض» جعل حكم مماثل للمستصحب أو لحكمه ، لا جعل حكم لغير المستصحب من اللوازم العقلية أو العادية ؛ وذلك لأن اليقين في باب الاستصحاب طريقيّ ، فالتعبد الاستصحابي لا بد أن يتعلق بما تعلق به اليقين ، فإذا كانت الحياة مثلا متيقنة سابقا ، وشك في بقائها كان مورد التعبد لا محالة نفس الحياة ؛ لأن اليقين تعلق بها لا بغيرها من لوازمها.
فالنتيجة : أنه لا يترتب على استصحاب الحياة إلّا أحكام نفسها ، دون آثار لوازمها التي لم يتعلق بها يقين وشك.
الثاني : إن لوازم المستصحب على قسمين : أحدهما : أن تكون لازمة له حدوثا وبقاء ؛ كضوء الشمس ، والآخر : أن تكون لازمة له بقاء فقط كنبات اللحية. ومحل الكلام هو القسم الثاني ؛ إذ لا أثر للقسم الأول بعد كونه بنفسه مجرى الاستصحاب ؛ لتعلق اليقين والشك به كملزومه.
الثالث : أن شرط التمسك بإطلاق الدليل أن لا يكون هناك قدر متيقن في مقام التخاطب ؛ إذ الإطلاق منوط بعدم البيان ، ومن المعلوم : أنه صالح للبيانية كما ثبت في محله ، فلا ينعقد معه إطلاق الدليل.
إذا عرفت هذا فاعلم : أنه لا مجال لاستظهار الاحتمالين الأخيرين ؛ لأن جواز الأخذ بهما منوط بإطلاق دليل التنزيل حتى يكون ناظرا إلى التعبد بالملزوم واللوازم معا كما هو مقتضى الاحتمال الثاني ، أو إلى لحاظ مطلق الأثر ولو كان أثر الواسطة كما هو مقتضى الاحتمال الثالث. وقد عرفت : توقف الإطلاق على عدم البيان الذي ينتقض بالقدر المتيقن التخاطبي ، لصلاحيته للبيانية. وهذا موجود بما نحن فيه لأن المتيقن من «لا تنقض اليقين بالشك» بعد وضوح طريقيّة اليقين وعدم موضوعيته هو عدم نقض ما تعلق به اليقين أعني : الملزوم ؛ كحياة الغائب ، دون لوازمه المترتبة على بقائه ؛ كنبات اللحية ؛ إذ ليست نفس اللوازم متعلقة لليقين حتى يجري فيها الاستصحاب كي يثبت به آثارها الشرعية. كما أن مطلق الآثار الشرعية ـ ولو مع الواسطة ـ ليس ملحوظا في استصحاب الملزوم حتى يترتب باستصحابه تلك الآثار ؛ لتوقف هذا اللحاظ على الإطلاق الذي