.................................................................................................
______________________________________________________
إلى الأحكام الإلهية كأخبار الآحاد أم أمارات على الموضوعات مثل قيام البيّنة على موضوع خارجي كضوء الشمس أو غروبها ـ جهتين.
إحداهما : كشفها عن مدلولها ؛ لأن شأن كل أمارة كشفها عن مؤداها كشفا ناقصا ، والكاشف عن شيء كاشف عما لا ينفك عنه تصوره من ملزوماته ولوازمه وملازماته ؛ بحيث يدل عليه اللفظ تبعا لدلالته على معناه المطابقي ، فإن لفظ «الشمس» مثلا وإن وضع لنفس القرص ، لكنه يدل على ضوئها أيضا لما بينه وبين نفس الشمس من العلقة اللزومية الموجبة للدلالة التبعية المزبورة.
وبالجملة : الدلالة الناقصة في الطرق والأمارات بالنسبة إلى كل من المدلول المطابقي والالتزامي ثابتة.
ثانيتهما : إطلاق دليل الحجية الثابت بمقدمات الحكمة ، فإنه يدل على حجية الطرق والأمارات في جميع ما لهما من الدلالة المطابقية والتضمنية والالتزامية من دون تفاوت بينها ، فإذا علمنا إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ، ثم قامت البيّنة على نجاسة أحدهما المعين ، فقد دلت على لازمها أيضا وهو طهارة الإناء الآخر.
وهذا بخلاف الاستصحاب وغيره من الأصول العملية موضوعية كانت أم حكمية ، فإنه لا دلالة فيها بوجه على الملزوم ، فضلا عن اللازم حتى يدل دليل الاعتبار على حجيته ؛ كدلالته على حجية الملزوم ، فعليه : لا يقتضي دليل اعتبار الأصل إلّا التعبد بنفس المشكوك بترتيب الأثر الشرعي المترتب على نفسه دون الآثار الشرعية المترتبة على لوازمه وملزومه وملازماته ؛ لعدم دلالة عليها حتى يثبت اعتبارها بدليل حجية الأصل كثبوت اعتبارها في الحجج الشرعية الكشفية بدليل اعتبارها ، فاستصحاب حياة زيد لا يقتضي إلّا التعبد بالآثار الشرعية الثابتة للحياة الواقعية ، دون الآثار الشرعية المترتبة على لوازمها كالنمو ونبات اللحية مثلا ؛ إذ لم يدل على لوازم الحياة شيء حتى يقال بحجية هذه الدلالة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الجهة الأولى ـ وهي الكشف عن اللوازم ـ موجودة في الطرق ومفقودة في الأصول ، وهي التي أوجبت حجية مثبتات الأمارات دون الأصول ، ومع عدم ما يوجب الدلالة على وجود اللوازم في الأصول لا مقتضي لاعتبار مثبتاتها لتفرع الحكم على موضوعه ، والمفروض : عدم ما يدل على وجود الموضوع ، فإن الأصول إنما تحكم تعبدا بمفادها ، فإذا قال : «كل شيء طاهر» فليس معنى ذلك إلّا أن