التركيب حقيقة (١) أو ادعاء (٢) ؛ كناية عن نفي الآثار ، كما هو (٣) الظاهر من مثل : «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» (*) ، و «يا أشباه الرجال ولا رجال» (**) ، فإن (٤) قضية البلاغة في الكلام هو إرادة نفي الحقيقة ادعاء (٥) ؛ لا نفي (٦) الحكم أو
______________________________________________________
الأصل في هذا التركيب أو ادعاء» ؛ إذ المراد بالأصل هو : الوضع ، فيلزم انقسام الوضع إلى النفي الحقيقي والادعائي ، نظير انقسام الموضوع له إلى المعنى الحقيقي والمجازي ، وهذا الانقسام كما ترى.
نعم ؛ إن كان المراد بالأصل الغلبة فلا بأس بالعبارة المذكورة ؛ لأن المعنى حينئذ هو : أن «لا» النافية لنفي الحقيقة كما هو الغالب حقيقة أو ادعاء ، فانقسام الغلبة إلى النفي الحقيقي والادعائي صحيح دون المعنى الحقيقي.
(١) قيد لنفي الحقيقة ، وضمير «هو» راجع على نفي الحقيقة ، والمراد بقوله : «في هذا التركيب» هو دخول «لا» النافية على اسم النكرة ، وحاصله : أن الأصل في «لا» النافية الداخلة على اسم الجنس هو نفي الطبيعة حقيقة أو مبالغة وادعاء ، تنبيها على أن الموجود الفاقد للأثر المطلوب منه كالمعدوم.
(٢) عطف على «حقيقة» ، وقوله : «كناية» قيد ل «ادعاء» ومنشأ له.
(٣) أي : نفي الحقيقة ادعاء ظاهر الأمثلة المذكورة في المتن مثل : «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد ...» (١) الخ.
(٤) هذا تمهيد لبيان ما اختاره من كون نفي الضرر من نفي الموضوع والحقيقة ادعاء وإرادة نفي الحكم منه ، وقد تقدم توضيح ذلك فلا حاجة إلى الإعادة والتكرار.
(٥) غرضه : أن نفي الحقيقة ادعاء لما كان أوقع في النفس وأوفق بالبلاغة تعين إرادته بعد تعذّر الحمل على المعنى الحقيقي ، فيكون هذا المعنى بقرينة البلاغة أقرب المجازات إلى المعنى الحقيقي.
(٦) هذا تعريض بالشيخ الأنصاري «قدسسره» حيث قال : بأن المراد في نفي الضرر : هو نفي الحكم باستعمال الضرر في الحكم بعلاقة السببية ، وأن هذا المعنى أقرب المجازات عنده بعد تعذر إرادة المعنى الحقيقي.
والمصنف أورد عليه : بأن البلاغة في الكلام تقتضي إرادة نفي الحقيقة ، لا نفي الحكم ابتداء ، وإن كان مرجع نفي الحقيقة في وعاء التشريع إلى نفي الحكم أيضا ؛ لكن البلاغة
__________________
(*) دعائم الإسلام ١ : ١٤٨ ، وفي تهذيب الأحكام ١ / ٩٢ / ٢٤٤ : «لا صلاة ... في مسجده».
(**) نهج البلاغة ١ : ٥٦٩ ، معاني الأخبار : ٣١٠.