الرابع عشر (١) : الظاهر أن الشك في أخبار الباب وكلمات الأصحاب هو خلاف اليقين ، فمع (٢) الظن بالخلاف فضلا عن الظن بالوفاق يجري الاستصحاب. ويدل عليه (٣) ـ مضافا إلى أنه كذلك لغة (٤) كما في الصحاح (٥) ، ...
______________________________________________________
في كون المراد بالشك في الاستصحاب هو خلاف اليقين
(١) الغرض من عقد هذا التنبيه الرابع عشر : هو بيان ما هو المراد من الشك المأخوذ في الاستصحاب ، وهو أحد ركني الاستصحاب ، هل المراد هو الشك بمعنى : تساوي الطرفين ، أو بمعنى اللغوي أعني : عدم اليقين الشامل للظن غير المعتبر؟ فيكون المراد باليقين حينئذ هو الأعم من اليقين الوجداني كالعلم ، واليقين التعبدي كالظن المعتبر.
وما يظهر من المصنف «قدسسره» هو المعنى الثاني ، أعني : المراد من الشك هو خلاف اليقين حيث قال : «الظاهر أن الشك في أخبار الباب وكلمات الأصحاب هو خلاف اليقين» ، فيشمل للشك بمعنى : تساوي الاحتمالين وراجحهما ومرجوحهما ، أعني : الشك والظن والوهم.
ووجه الظهور : هو جعل الناقض لليقين السابق في أخبار الباب منحصرا في اليقين بالخلاف ، فما لم يحصل هذا الناقض يبني على اليقين السابق وإن حصل الظن على خلافه ، وإلّا مع قيام الحجة على اعتباره.
(٢) هذه نتيجة أعمية الشك ؛ إذ مع كونه بمعنى بتساوى الاحتمالين ـ كما هو المصطلح من الشك عند أهل الميزان ـ لا يندرج شيء من الظن بالخلاف والوفاق في الشك بمعناه الاصطلاحي.
(٣) أي : ويدل على كون الشك خلاف اليقين أمور هذا أولها ، وبيانه : أن غير واحد من اللغويين صرح بأن الشك هو خلاف اليقين ؛ بل يمكن استظهار اتفاقهم على ذلك من كلمات بعضهم ، ففي مجمع البحرين : «الشك : الارتياب ، وهو خلاف اليقين ، ويستعمل فعله لازما ومتعديا كما نقل عن أئمة اللغة ، فقولهم : خلاف اليقين يشتمل التردد بين الشيئين ، سواء استوى طرفاه أم رجح أحدهما على الآخر». مجمع البحرين ، ٢ ، ٥٣٦.
(٤) قد عرفت عبارة مجمع البحرين وظهورها في اتفاق أهل اللغة عليه ، وقوله : «كذلك» أي : خلاف اليقين.
(٥) قال فيه : «الشك خلاف اليقين» (١) ومثله ما في القاموس (٢).
__________________
(١) مجمع البحرين ٢ : ٥٣٦ ـ شك.
(٢) القاموس المحيط ٣ : ٣٠٩ ـ الشك.