لا يذهب عليك أنه لا بد في الاستصحاب من بقاء الموضوع ، وعدم أمارة معبّرة هناك ولو على وفاقه (١) ، فهاهنا مقامان :
______________________________________________________
سواء كان المستصحب حكما كوجوب نفقة الزوجة أو غيره كحياته مثلا.
وأما الأمر الثاني : فيقال : إن المراد من بقاء الموضوع بقاؤه بجميع ما له دخل في عروض المستصحب لذلك المعروض.
وبعبارة أخرى : أن المراد من بقاء الموضوع في الاستصحاب هو كون الموضوع في القضية المشكوكة عين الموضوع في القضية المتيقنة ؛ كي يكون الشك في الزمان اللاحق متعلقا بعين ما كان متيقنا في الزمان السابق ، حتى يصدق نقض اليقين بالشك فيما لم يمض على طبق اليقين السابق ؛ لأن المستفاد من أدلة الاستصحاب هو : وجوب المضي على طبق اليقين السابق ، وعدم جواز نقضه بالشك ، ولا يصدق المضي والنقض إلّا مع اتحاد القضيتين موضوعا ومحمولا وإنما التفاوت بينهما هو : كون ثبوت المحمول قطعيا في القضية المتيقنة ، ومحتملا في القضية المشكوكة.
فاعتبار بقاء الموضوع الراجع إلى اشتراط اتحاد القضيتين في الموضوع والمحمول مستفاد من أدلة الاستصحاب.
ولهذا يقول صاحب الكفاية : «إنه لا إشكال في اعتبار بقاء الموضوع ، بمعنى : اتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة موضوعا ؛ كاتحادهما حكما» أي : محمولا.
فالمتحصل : أن المقصود من بقاء الموضوع هو اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة موضوعا ومحمولا. كقولك : «زيد عادل» ، فلو لم يكن الموضوع ـ وهو عدالة زيد ـ باقيا لم يجر الاستصحاب ؛ لأن عدالة بكر لم تكن متيقنة.
والخلاصة : أن اعتبار بقاء الموضوع بهذا المعنى يكون أمرا بديهيا لا يحتاج إلى إقامة دليل وبرهان. انتهى الكلام.
الأمر الثالث : وهو الدليل على اعتبار بقاء الموضوع فقد استدل عليه بوجوه :
منها : ما تقدم من استفادة ذلك من نفس أدلة الاستصحاب.
ومنها : الإجماع كما حكي عن بعض ، والمراد به هو اتفاق العلماء لا الإجماع المصطلح الكاشف عن رأي المعصوم «عليهالسلام» ؛ لأن بيان اعتبار بقاء الموضوع ليس من وظيفة الشارع.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية»
(١) أي : على وفاق الاستصحاب ، كما إذا كان شيء معلوم الطهارة سابقا ، وشك