والاستدلال عليه «باستحالة انتقال العرض إلى موضوع آخر ؛ لتقوّمه (١) بالموضوع وتشخصه (٢) به» غريب ، بداهة : ...
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الحكم عرض على الموضوع ، فلو أردنا استصحاب الحكم لموضوع آخر ، كان ذلك سببا لانتقال العرض من موضوع إلى موضوع آخر الذي عرفت استحالته.
ولكن الاستدلال لبقاء الموضوع في باب الاستصحاب بهذا الدليل العقلي غريب.
وتوضيح الإشكال على هذا الاستدلال يتوقف على مقدمة وهي : أن البقاء على قسمين ؛ حقيقي وتعبدي ، والفرق بينهما : أن الأول لا ينفك عن معروضه ؛ وإلّا يستلزم أحد المحذورين المذكورين من بقاء العرض بلا موضوع ، أو انتقال العرض من موضوع إلى موضوع آخر.
والثاني لا يستلزم شيئا منهما ؛ إذ مفاد الاستصحاب ترتيب آثار وجود المستصحب كالعدالة مثلا في ظرف الشك في بقائها ، وهذا حكم ظاهري مقتضاه ترتيب آثار العدالة شرعا على العدالة المشكوكة ، وليس مقتضى الاستصحاب بقاء العدالة الواقعية حتى يلزم أحد المحذورين المذكورين.
وعليه : فلا مانع من الحكم ببقاء المحمول تعبدا بمعنى : لزوم ترتيب آثار وجوده مع الشك في بقاء موضوعه ؛ كالتعبد بلزوم ترتيب أحكام العدالة والاجتهاد والزوجية وغيرها شرعا مع الشك في موضوعاتها.
(١) تعليل لاستحالة انتقال العرض ، وقد عرفت توضيح ذلك.
(٢) أي : تشخص العرض بالموضوع ، قال المحقق الطوسي «قدسسره» في التجريد : «والموضوع من جملة المشخصات» ، فلو انتقل العرض عن الموضوع زال تشخصه فيزول شخصه كما في الشوارق ، مثلا : امتياز وجود بياض الثلج عن بياض العاج لا يكون إلّا بالمحل والموضوع ؛ لاشتراكهما في ماهية البياض ولوازمها وأجزائها ، وحيث إن الماهية المبهمة لا تتحقق في الخارج ، ولا وجود للعرض بدون معروضه كان تشخص العرض منوطا بتشخص موضوعه ، فلو انعدم المعروض انتفى العرض القائم به أيضا ؛ لانتفاء المحتاج عند انتفاء المحتاج إليه ، وهذا معنى كون الموضوع من جملة المشخصات.
وضمير «لتقوّمه» راجع إلى العرض ، وضمير «تشخصه» راجع إلى العرض أيضا ، وضمير «به» راجع إلى الموضوع.
قوله : «غريب» خبر قوله : «والاستدلال» وإشكال عليه.