المناط في بقاء الموضوع هو الاتحاد بحسب نظر العرف ، وإن لم يحرز بحسب العقل (١) أو لم يساعده النقل (٢) ، فيستصحب (٣) مثلا ما يثبت بالدليل للعنب إذا صار زبيبا ؛ لبقاء الموضوع ، واتحاد القضيتين عرفا ، ولا يستصحب فيما لا اتحاد كذلك (٤) وإن كان هناك اتحاد عقلا كما مرت الإشارة إليه في القسم الثالث (٥) من أقسام استصحاب الكلي ، فراجع.
______________________________________________________
ولا الدليلي ، ولذا يجري الاستصحاب في أحكام العنب المتبدل بالزبيب ؛ لكون الموضوع عند العرف وهو ذات العنب لا عنوانه باقيا حال الزبيبية ، ولا يجري فيما إذا كان المشكوك من مراتب المتيقن ؛ كالاستحباب الذي هو من مراتب الوجوب إذا ارتفع الوجوب وشك في بقاء الاستحباب الذي هو أيضا من الطلب ، وليس التفاوت بينه وبين الوجوب إلّا بشدة الطلب وضعفه ، فالموضوع العقلي وهو الطلب وإن كان باقيا ؛ لكن الموضوع العرفي منتف ؛ لكون الوجوب والاستحباب بنظر العرف متباينين.
(١) كما مرّ في مثل : «الماء المتغير» إذا كان الشك في البقاء ناشئا من زوال وصف من أوصاف الموضوع.
(٢) كما في مثال العنب ؛ إذ بعد جفافه وتبدله بالزبيب لا يصدق عليه موضوع الدليل.
(٣) يعني : بعد البناء على كون المعيار في الاتحاد نظر العرف يجري الاستصحاب في أحكام العنب الذي صار زبيبا ، لبقاء الموضوع عرفا ، وهو ذات العنب الملحوظ بين حالتي الرطوبة والجفاف. والمراد ب «ما يثبت» هي : الأحكام. قوله : «لبقاء الموضوع» متعلق ب «فيستصحب» ، و «للعنب» متعلق ب «يثبت».
قوله : «ولا يستصحب» عطف على «فيستصحب» ، يعني : ولا يستصحب ما يثبت بالدليل في الموارد التي لا اتحاد فيها عرفا بين القضيتين.
(٤) أي : عرفا وإن كان هناك عقلا كما مرّ في مثال الوجوب والندب.
(٥) وهو ما إذا كان المشكوك من مراتب المتيقن كالشك في الاستحباب بعد القطع بارتفاع الإيجاب ، وقد تعرض له في أواخر التنبيه الثالث ، حيث قال هناك : «إلّا إن العرف حيث يرى الإيجاب والاستحباب المتبادلين فردين متباينين ..» الخ.
وقد تحصل مما أفاده المصنف : أن المرجع في تشخيص مفهوم «لا تنقض» هو العرف ، والرجوع إليهم إنما هو في تمييز المفهوم لا في تطبيقاتهم المسامحية غير المعتبرة. وتركنا ما في المقام من تطويل الكلام رعاية للاختصار.