استصحابه ؛ كما في استصحاب عدم التكليف (١) ، فإنه وإن لم يكن بحكم مجعول في الأزل (٢) ولا ذا حكم إلّا إنه حكم مجعول فيما لا يزال (٣) ؛ لما عرفت (٤) : من أن نفيه كثبوته في الحال (٥) مجعول شرعا ، وكذا استصحاب موضوع لم يكن له حكم ثبوتا (٦) ، أو كان ولم يكن حكمه ...
______________________________________________________
(١) هذا مثال لعدم كون المستصحب حال اليقين به حكما شرعيا ولا ذا حكم شرعي ؛ لأنه هي البراءة الأصلية العقلية في الأزل. وضمير «استصحابه» راجع على المستصحب.
(٢) لبرهان حدوث العالم بأسره في قبال قدمه ، فلم يكن مكلف حتى يجعل عليه حكم ، فعدم الحكم سالبة بانتفاء الموضوع. وضميرا «فإنه ، أنه» راجعان إلى «عدم».
(٣) وهو المستقبل الذي يكون زمان الشك في البقاء المأخوذ موضوعا للتعبد الاستصحابي ، ومن المعلوم : أنه لا معنى لجريان الاستصحاب في ظرف الشك في البقاء إلّا ترتيب الأثر الشرعي على المستصحب ؛ وإلّا يلزم اللغوية.
(٤) تعليل لكونه حكما فيما لا يزال ، وحاصله : ما أفاده سابقا في التنبيه الثامن بقوله : «وكذا لا تفاوت في المستصحب أو المترتب بين أن يكون ثبوت الأثر ووجوده أو نفيه وعدمه ، ضرورة : إن أمر نفيه بيد الشارع كثبوته» من كفاية مجرد القابلية للجعل في الاستناد إلى الشارع ، لاستواء نسبة القدرة إلى الطرفين ، فالعدم الأزلي في زمان الشك في بقائه مجعول شرعي بهذا المعنى من الجعل.
لكن صحة إسناده إلى الشارع باعتبار قدرته على نقض عدمه بالوجود أمر ، وإطلاق الجعل والمجعول على عدم الحكم أمر آخر ، ضرورة : مساوقة الجعل للتكوين والإيجاد ولو في عالم الاعتبار ، وهذا لا يصدق على مجرد القدرة على نقض العدم بالوجود.
نعم ؛ لا ريب في انتساب بقاء هذا العدم إلى الشارع. وضميرا «نفيه ، كثبوته» راجعان إلى التكليف ، وبهذه العبارة بيّن مراده من الحكم ، فلا تنافي بين نفي الجعل وإثباته.
(٥) أي : حال البقاء الذي هو حال الشك ومورد جريان الاستصحاب.
(٦) أي : في حال اليقين بالمستصحب ؛ كما إذا كان الصبي مستطيعا من حيث المال ، وبعد بلوغه يشك في بقاء استطاعته المالية ، فإنه لا مانع من استصحابها والحكم بوجوب الحج عليه ، مع إن استطاعته في زمان اليقين بها لم تكن موضوعا لوجوبه.
وكاستصحاب حياة الولد إلى زمان موت والده ، فإن حياته في زمان اليقين بها لم