.................................................................................................
______________________________________________________
فسرها الشيخ ، بكون الحاكم بمدلوله اللفظي متعرضا لحال الدليل الآخر ومبيّنا لمقدار مدلوله ومسوقا لبيان حاله ، على ما أفاده «قدسسره» في أوائل التعادل والترجيح.
توضيح الإشكال : أن هذا الضابط للحكومة لا ينطبق على الأمارة غير العلمية حتى يكون تقدمها على الاستصحاب بنحو الحكومة ، وذلك لفقدان شرطها وهو نظر الحاكم بمدلوله اللفظي إلى الدليل المحكوم وشرحه له ، ضرورة أن دليل الأمارة كآية النبأ مثلا لا تعرض ولا نظر له إلى مدلول دليل الاستصحاب إثباتا وشرحا له ؛ بحيث يعد مفسرا ومبيّنا لحاله ، وإن كان ينافيه ثبوتا من حيث إن لازم كل دليلين متعارضين نفي كل منهما مدلول الآخر ، لما بين مدلوليهما من التنافي واقعا ، وذلك أجنبي عن الدلالة اللفظية على هذا التنافي. مثلا قوله : «أكرم العلماء» ينافي قوله : «لا تكرم العالم الفاسق» ؛ لاقتضاء الأمر مطلوبية إكرام العالم الفاسق ، واقتضاء النهي مبغوضيته ، ولأجل هذا التنافي الثبوتي لا يمكن الأخذ بهما في المجمع ؛ ولكن يقدم النهي على الأمر لأقوائية ظهور الخاص من العام ، فالمناط في التقديم هو مقام الدلالة والإثبات.
وعليه : فالمعول في موارد الجمع الدلالي ـ ومنها الحكومة ـ على دلالة اللفظ ، لا ملاحظة الواقع ونفس الأمر.
وبعبارة أخرى : الحكومة من كيفيات دلالة اللفظ ، فالخارج عن حيطة الدلالة اللفظية أجنبي عن الحكومة ، فمجرد التنافي بين مدلولي الدليلين واقعا من دون دلالة اللفظ عليه إثباتا لا ينطبق عليه حدّ الحكومة. وعليه : فالبيّنة القائمة على نجاسة الثوب تقتضي لزوم ترتيب آثار النجاسة عليه ، واستصحاب طهارته يقتضي ترتيب آثار طهارته عليه ، فالبيّنة تنفي استصحاب الطهارة ، كما أن الاستصحاب ينفي النجاسة.
لكن نفي البيّنة لما يقتضيه الاستصحاب ليس مستندا إلى الدلالة اللفظية بأن تكون البيّنة بمدلولها اللفظي نافية للشك الاستصحابي ؛ لعدم كون دليل اعتبار البيّنة كرواية مسعدة بن صدقة شارحا للمراد من قوله «عليهالسلام» : «لا تنقض اليقين بالشك» ومحدّدا لموارده حتى ينطبق عليه ضابط حكومة أحد الدليلين على الآخر ، فمفاد البيّنة ليس إلا نجاسة الثوب واقعا.
وأما نفي اعتبار الشك في طهارة الثوب : فليس مدلولا للبيّنة بالدلالة اللفظية حتى تكون حاكمة على الاستصحاب.
فالنتيجة : أن التنافي بين مدلولي الأمارة والاستصحاب ناش من التضاد والتهافت بين