وأما الثاني (١) : فالتعارض بين الاستصحابين إن كان لعدم إمكان العمل بهما بدون
______________________________________________________
كما مر في استصحاب شهر رمضان في يوم احتمل كونه منه أو من شوال ، فإن الاستصحاب يرفع التحير الموضوع للتخيير.
في تعارض الاستصحابين
(١) هذا شروع في الأمر الثاني ما يبحث عنه في الخاتمة ، وهو حكم تعارض الاستصحابين.
وتوضيحه أن التعارض ـ الذي يراد به هنا على قسمين :
القسم الأول : يكون بدون العلم بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما حتى يعلم بكذب أحدهما في مقام الجعل ويندرج في التعارض المصطلح ؛ كما إذا جرى الاستصحاب في وجوب إنقاذ غريقين أو إطفاء حريقين أو تجهيز ميتين من دون تعارض بين الاستصحابين في مقام التشريع ، غاية الأمر : أن المكلف لا يقدر على امتثال كلا الأمرين.
وحكم هذا القسم هو الرجوع إلى قاعدة باب التزاحم من تقديم ما هو الأهم لو كان أحدهما أهم ؛ وإلّا فالتخيير لاندراج هذا القسم في تزاحم الواجبين ؛ إذ لا فرق في تزاحم الواجبين بين كونهما واقعيين أو ظاهريين.
القسم الثاني : ما علم إجمالا بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما ، فإجراء الاستصحاب في كليهما كذب قطعا ، وهذا القسم يتصور على وجهين : الأول : أن يكون أحد الشكين مسببا عن الشك الآخر وفي طوله.
الثاني : أن يكون الشكان عرضيين ومعلولين لعلة ثالثة ، وهذا الوجه الثاني قد يكون جريان الاستصحاب فيهما مستلزما للمخالفة العملية ، وقد لا يكون مستلزما لها ، وحكمه جريان كلا الاستصحابين فيما لم يلزم منه محذور المخالفة القطعية للتكليف ؛ وإلّا فلا يجري الاستصحاب لوجود مانع ، وهو لزوم المخالفة القطعية العملية.
وأما إذا كان الشك في أحدهما مسببا عن الشك في الآخر : فحكمه جريان الأصل السببي دون المسببي ؛ كما إذا كان الشك في طهارة الثوب المغسول بما هو مشكوك الطهارة من الماء ونجاسته ، فيجري استصحاب طهارة الماء ولا يجري استصحاب نجاسة ثوب النجس الذي غسّل بالماء المشكوك ؛ لأن الماء المشكوك محكوم بالطهارة بعد استصحاب طهارته ، ولازم طهارة الماء طهارة الثوب النجس الذي غسّل به.
هذا خلاصة الكلام في صور تعارض الاستصحاب وأحكامها. وأما تفصيل ذلك فهو موجود في منتهى الدراية.