الحادي عشر (١) : لا إشكال في الاستصحاب فيما كان الشك في أصل تحقق
______________________________________________________
في أصالة تأخر الحادث
(١) الغرض من عقد هذا التنبيه الحادي عشر : هو التعرض لجريان الأصل المعروف بأصالة تأخر الحادث في الحادثين المعلوم حدوثهما وعدم جريانه فيهما ، وبيان الصور التي يختلف باختلافها حكم الأصل الجاري فيها.
وقبل الخوض في هذا المقصود الأصلي تعرض المصنف لحكم الشك في أصل حدوث حادث من موضوع أو حكم ، وقال : لا إشكال في جريان استصحاب العدم فيه ؛ لتحقق أركانه فيه من اليقين والشك والأثر الشرعي ، وكذا لو شك في ارتفاع حكم أو موضوع ذي حكم بعد العلم بتحققه ، فيستصحب وجوده إلى زمان العلم بارتفاعه.
وقبل الخوض بالبحث عما هو المقصود بالبحث في هذا التنبيه الحادي عشر ؛ ينبغي تحرير محل الكلام فيه فنقول : إن محل الكلام فيه يتضح بعد ذكر مقدمة وهي : أن من أركان الاستصحاب هو اليقين بتحقق المستصحب في زمان والشك في بقائه وارتفاعه في زمان آخر. ثم الشك في الارتفاع في الزمان اللاحق على قسمين :
أحدهما : هو الشك في الارتفاع في الزمان اللاحق رأسا ، أعني : في جميع أجزاء الزمان اللاحق ؛ كالشك في ارتفاع الطهارة مثلا في الزمان اللاحق كذلك بعد العلم بتحققها في الزمان السابق.
ثانيهما : هو الشك في ارتفاع المستصحب في جزء من الزمان ، مع العلم بالارتفاع بعد ذلك الزمان ؛ كالشك في بقاء حياة زيد يوم الخميس مع العلم بموته يوم الجمعة.
وبعبارة أخرى : كان الشك في تقدم الارتفاع وتأخره بعدم العلم بأصل الارتفاع.
إذا عرفت هذه المقدمة يتضح لك أن محل الكلام ـ في هذا التنبيه الحادي عشر ـ هو القسم الثاني لا القسم الأول ؛ لأن القسم الأول مما لا كلام في اعتبار الاستصحاب فيه ، فالمقصود بالبحث في هذا التنبيه الحادي عشر هو : أن الاستصحاب هل يجري في الوجود والعدم المضافين إلى زمان خاص أو زماني خاص ، والأول : كترتب الأثر على إسلام زيد مثلا يوم الجمعة ، والثاني : كترتب الأثر على إسلامه قبل القسمة. كما يجري في الوجود والعدم المضافين إلى الماهية ، كوجود زيد وعدمه أم لا؟
وكيف كان ؛ فقد تعرض المصنف «قدسسره» في هذا التنبيه لأقسام : من الاستصحاب.