بينه (١) وبين رفع اليد عن دليله ، لوهن عمومها وقوة عمومه كما أشرنا إليه آنفا (٢) ، والحمد لله أوّلا وآخرا ، وصلى الله على محمد وآله باطنا وظاهرا
______________________________________________________
عمومه» ، وهذا التعليل يشهد بتضعيف التفصيل المزبور بقوله : «فافهم» ، واختار الوجه السابق بشهادة هذا التعليل.
(١) أي : بين رفع ، اليد عن دليل القرعة ، وبين رفع اليد عن دليل الاستصحاب.
وضمير «عمومها» راجع إلى القرعة ، وضمير «عمومه» إلى الاستصحاب.
(٢) وهو قوله : «مضافا إلى وهن دليلها بكثرة تخصيصه».
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ الغرض من عقد هذا التذنيب : بيان النسبة بين الاستصحاب وبين القواعد الجارية في الشبهات الموضوعية ؛ كقاعدتي التجاوز والفراغ وأصالة الصحة في عمل الغير والقرعة وغيرها.
ثم ما أفاده المصنف من تقديم هذه القواعد الثلاث غير القرعة ـ على الاستصحاب بالتخصيص ـ منوط بكونها أصول تنزيلية ؛ إذ بناء على كونها من أمارات تكون واردة أو حاكمة على الاستصحاب.
٢ ـ جملة من الروايات تدل على قاعدتي التجاوز والفراغ كصحيحة زرارة «إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء» ، «كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه».
وأما تقريب دلالة هاتين الروايتين على قاعدة التجاوز : فإن المراد من الشك في شيء هو : الشك في أصل وجوده ، والمراد من التجاوز عن شيء هو : الخروج عن محل الشيء والدخول في غيره ، ومقتضى الخبرين عدم الاعتناء بالشك والبناء على وجود الشيء بعد التجاوز عن محله. هذا في قاعدة التجاوز.
وأما قاعدة الفراغ : فقد شرعت للحكم بصحة العمل الموجود إذا شك في صحته بعد الفراغ عن العمل الذي شك في صحته.
ويدل عليه موثق محمد بن مسلم «كلما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو» ، فإن ظهور «فأمضه» في الأمر بالبناء على وجود المشكوك فيه على النحو الذي ينبغي أن يقع عليه وهو وجوده على النحو الصحيح مما لا ينكر.
٣ ـ وجه تقديم هذه القواعد ـ غير القرعة ـ على الاستصحابات الجارية في مواردها