.................................................................................................
______________________________________________________
وقد ظهر بما ذكرناه : أنه تعريف جامع لأفراد التعارض ومانع للأغيار أي : لموارد التوفيقات العرفية.
وأما المقام الثاني ـ وهو الفرق بين تعريف التعارض بما أفاده المشهور والمصنف ووجه عدوله عنه ـ فنقول : أما الفرق بين التعريفين فهو : أن ظاهر تعريف المشهور كون التعارض من صفات المدلولين ، وكون توصيف الأمارتين والدليلين بالتعارض توصيفا بحال المتعلق كما ورد التصريح به في كلمات بعضهم كالمحقق السيد علي القزويني ، فيصح حينئذ جعل التعارض وصفا للدليلين ؛ لأنه كتوصيف اللفظ بالكلية والجزئية. مع كونهما من أوصاف المعاني والمفاهيم لا الألفاظ.
وظاهر تعريف المصنف «قدسسره» : أن التعارض وصف لنفس الدليلين كالخبرين اللذين وصفا بالتعارض في بعض نصوص الباب كقوله : «إذا ورد عنكم الخبران المتعارضان» ، ومنشأ هذا التنافي في الحجية هو تمانع المدلولين ، فيكون الوصف بحال الموصوف حقيقة ؛ إذ الموصوف بالتعارض يكون نفس الأمارتين كالخبرين لا مدلوليهما ، غاية الأمر : أن تنافي المدلولين حيثية تعليلية وواسطة ثبوتية لتوصيف الدليلين بالتعارض كوساطة النار لحرارة الماء ، فإن قولنا : «الماء حار». حمل حقيقي وإسناد إلى ما هو له. وهذا بخلافه على تعريف المشهور ، فإن تنافي المدلولين فيه حيثية تقييدية في تعارض الأمارتين ، ويكون واسطة في عروضه على الدليلين كوساطة حركة السفينة لحركة الجالس فيها ، فإنه يصح سلبها عن الجالس فيها حقيقة ؛ إذ المتحرك هو السفينة دون جالسها ، إلّا بناء على معنى آخر للحركة غير مقصود عرفا.
هذا تقريب الفارق بين تعريف المصنف والمشهور.
وأما وجه عدوله عن تعريف المشهور : فأمران ، اقتصر في المتن على ذكر واحد منهما ، وتعرض لكليهما في حاشية الرسائل في مقام تحسين تعريف الشيخ للتعارض :
أحدهما : ما تقدم آنفا من أنه لو كان التعارض «تنافي المدلولين» ـ كما أفاده المشهور ـ كان التعارض وصفا لمتعلق الدليلين لا لأنفسهما. ولو كان التعارض ما أفاده الشيخ من «أنه تنافي الدليلين باعتبار تنافي المدلولين» كان التعارض وصفا لنفس الموصوف أعني : الدليلين ، وكان منشأ تنافيهما تمانع مدلوليهما ، فيسري التنافي من المدلولين إلى الدالين.
ثانيهما : ـ وهو العمدة ـ أن تعريف المشهور يعمّ موارد الجمع الدلالي والتوفيق العرفي ، مع أنه لا ريب في عدم إجراء أحكام التعارض ـ من التوقف والترجيح والتخيير ـ عليها.