أريد من الآخر (١) ، مقدما (٢) كان أو مؤخرا ، أو كانا (٣) على نحو إذا عرضا على العرف وفّق بينهما بالتصرف في خصوص أحدهما (٤) كما هو ...
______________________________________________________
(١) أي : من الدليل الآخر وهو الدليل المحكوم.
(٢) هذا و «مؤخرا» حالان من «الآخر» المراد به الدليل المحكوم ، واسم «كان» ضمير راجع إلى «الآخر» ، يعني : أن الحكومة ـ الرافعة للتعارض وللخصومة ـ تتحقق فيما إذا سبق أحد الدليلين للنظر إلى الآخر ، سواء كان زمان صدور الدليل المحكوم مقدما على الدليل الحاكم ـ كما يعتبره الشيخ ـ أم مؤخرا ، وهذه نقطة خلاف بين الشيخ والمصنف في اعتبار سبق المحكوم على الحاكم ـ كما هو رأي الشيخ ، وعدمه كما هو رأي المصنف.
المورد الثاني : التوفيق العرفي
(٣) عطف على «إذا كان» ، وبيان للمورد الثاني مما لا يكون فيه تمانع بين الدليلين في مقام الدلالة وإن كان التنافي بين نفس المدلولين ثابتا. وهذا هو التوفيق العرفي والحكومة العرفية بنظر المصنف ، لا الحكومة الاصطلاحية المنوطة بكون أحدهما ناظرا إلى الآخر وشارحا له.
وقد ذكر لهذا التوفيق العرفي فرضين : أحدهما : توفيق العرف بين الدليلين ـ المتعارضين بدوا ـ بالتصرف في أحدهما.
وثانيهما : بالتصرف في كليهما والمقصود فعلا بيان الفرض الأول.
يعني : فلا تعارض بين الدليلين اللذين يكونان على نحو إذا عرضا على العرف جمع بينهما بالتصرف في خصوص أحدهما ، ولا يبقى متحيّرا في العمل بهما ، كما هو الحال في الأدلة المتكفلة للأحكام الأوّلية ـ كوجوب الوضوء ونحوه ـ مع الأدلة الثانوية النافية للعسر والحرج والضرر وغيرها ، فإنها ترفع الأحكام الأولية ، فيرتفع وجوب الوضوء بدليل نفي الحرج ونحوه إذا صار الوضوء حرجيا أو ضرريا ، فيصير الحكم الأولي اقتضائيا والحكم الثانوي فعليا.
وهذا الجمع هو المسمى بالتوفيق العرفي والحكومة العرفية ؛ وذلك مطرد في جميع الأحكام الأولية والثانوية التي يكون بين موضوعاتها ترتب وطولية كوجوب الوضوء في المثال المتقدم ، فإن موضوعه ـ وهو نفس الغسلتين والمسحتين ـ مقدم على عارضه من الضرر والحرج ونحوهما من العناوين الثانوية.
(٤) هذا الضمير وضمير «بينهما» راجعان إلى الدليلين.