.................................................................................................
______________________________________________________
وحيث كان المقتضي ـ أعني به : احتمال الإصابة ـ موجودا في كلا الخبرين ، وكان المانع متساوي النسبة إليهما ولم يكن مانعا عنهما معا ولا عن أحدهما المعيّن كان أحد المقتضيين وهو محتمل الصدق منهما مؤثرا بلا عنوان في مقتضاه ، والآخر بلا عنوان أيضا ساقطا عن التأثير ، ونتيجته حجية أحدهما وسقوط أحدهما كذلك.
ويترتب على هذا البيان أمران :
أحدهما : سقوط المتعارضين في المدلول المطابقي ، فإن أحد الخبرين ـ وإن كان حجة ـ كما عرفت ـ إلّا إنه لا علامة له تميّزه عن الخبر الساقط عن الحجية لكونه بلا لون ولا عنوان أيضا ؛ لاحتمال انطباق الخبر الكاذب على كل منهما ، فلأجله يسقطان عن الاعتبار في المؤدى.
ثانيهما : نفي الثالث بالحجة الواقعية المعلومة إجمالا ، ولا يتوقف هذا النفي على العلم التفصيلي بالحجة ، فأي واحد من الخبرين كان حجة واقعا كان نافيا للثالث ؛ وذلك لأن الغرض المترقب من الحجة ـ وهو تحريك المكلف وبعثه نحو الفعل أو زجره عنه ـ وإن لم يترتب على الحجة التي لا تعيّن لها بوجه أصلا ؛ الذي هو أثر حجية الخبر واقعا ، لوجود المقتضي لنفي الثالث في أحدهما وفقد المانع منه. هذا توضيح ما أفاده المصنف بناء على الطريقية.
وأما بناء على حجية الأمارات من باب السببيّة والموضوعية ، أي : بمعنى : كون قيام الأمارة على وجوب شيء أو حرمته سببا لحدوث مصلحة أو مفسدة في المؤدى مقتضية لجعل ما يناسبها من الوجوب أو الحرمة للمؤدى على ما ينسب إلى المعتزلة ، فأحكامها مختلفة.
توضيح ذلك : أن المصنف قد ذكر صورا لتعارض الأمارتين على السببية ، ولهذا جعل أحكامها مختلفة من التساقط والتخيير بينهما مطلقا ، والأخذ بمقتضى الحكم الإلزامي إذا كان أحد المؤديين حكما إلزاميا والآخر غير إلزامي وغير ذلك.
ومبنى هذه الصور هو : محتملات حجية الأمارة على السببية من كون الحجة خصوص ما لم يعلم كذبه ، أو الأعم منه ومما علم كذبه.
وعلى الثاني : فإمّا أن يكون معنى الحجيّة إثبات المؤدى بدون التدين به ، وإمّا أن يكون معناها لزوم الالتزام والتدين به وإن كان المؤدى إباحة.
وأما الصورة الأولى ـ وهي كون الحجة خصوص ما لم يعلم كذبه ـ ، فحكمها