هذا (١) بناء على حجية الأمارات من باب الطريقية كما هو (٢) كذلك ، حيث (٣) لا يكون حجة طريقا إلّا ما احتمل إصابته ، فلا محالة كان العلم بكذب أحدهما مانعا عن حجيّته ، وأمّا (٤) بناء على حجيّتها من باب السببيّة فكذلك (٥) لو كان الحجة
______________________________________________________
وجه التعريض : أن الباقي على الحجية هو أحدهما بلا عنوان ، وهذا ينفي الثالث ، وليس الحجة كلا المدلولين الالتزاميين كي يستند نفي الثالث إلى كلا المتعارضين.
(١) يعني : ما ذكرناه ـ من عدم حجيّتهما في المدلول المطابقي ، وحجية أحدهما في نفي الثالث ـ مبني على حجيّة الأمارات من باب الكشف والطريقية.
(٢) أي : كما أن التساقط المزبور ـ بناء على حجيّة الأمارات بنحو الكشف والطريقية ـ هو الحق.
(٣) تعليل للتساقط المذكور ، وحاصله : أن حجيّة شيء من باب الطريقية منوطة باحتمال إصابته للواقع ، فمع العلم بالكذب وعدم الإصابة لا معنى لحجيته في خصوص مؤداه.
هذا بالنسبة إلى ما علم كذبه. وأما غيره فهو على إبهامه حجة فيما لا معارض له من نفي الثالث ، وهذا هو ما تقدم من التساقط في الجملة.
مقتضى القاعدة الأوّلية في تعارض الدليلين بناء على السببيّة
(٤) هذا شروع فيما هو مقتضى القاعدة الأوّلية في تعارض الأمارتين ؛ بناء على حجية الأمارات من باب السببيّة والموضوعية.
(٥) يعني : التساقط. فكما ذكرناه على الطريقية من سقوطهما في المدلول المطابقي ونفي الثالث بأحدهما.
وأمّا تقريب هذا الاحتمال على القول بالسببيّة واشتراكه مع مبنى الطريقية فهو : أن حجيّته كل أمارة ـ على ما تقدم في الفصل السابق ـ منوطة بتمامية جهات ثلاث وهي : الصدور والدلالة والجهة. والدليل على اعتبار أصالتي الظهور والجهة هو : بناء العقلاء على الأخذ بظاهر الكلام وحمله على بيان المراد الجدي ، ومن المعلوم : أن السيرة العقلائية دليل لبيّ ، وليس لها لسان حتى يؤخذ بإطلاقه ، فلا بد من الأخذ بالقدر المتيقن منها عند الشك في تحقق البناء العقلائي ، والقدر المتيقن منه هو ما إذا لم يعلم كذبه ، فإنهم إذا علموا عدم إرادة المتكلم ظاهر الكلام ، وعدم كونه كاشفا عن مراده الجدّي لم يعملوا به ولم يرتّبوا عليه آثاره. وعليه : فدائرة حجية أصالتي الظهور والجهة مضيقة ؛ لاختصاصها بالظاهر المحتمل صدقه ، وعدم كون معلوم الكذب مورد عملهم. وأما أصالة