الأخذ بما دل على الحكم الإلزامي لو لم يكن (١) في الآخر مقتضيا لغير الإلزامي ؛ وإلّا (٢) فلا بأس بأخذه والعمل عليه ؛ لما أشرنا إليه من وجهه (٣) آنفا ، فافهم (٤).
هذا (٥) هو قضية القاعدة في تعارض الأمارات ؛ لا الجمع (٦) بينهما بالتصرف في أحد المتعارضين أو في كليهما ، كما هو (٧) قضية ما يتراءى مما قيل من أن الجمع (٨)
______________________________________________________
لمعارضة ما فيه الاقتضاء ، فيقدم ما يدل على الحكم الإلزامي على ما يدل على غير الإلزامي ؛ إلا إذا كان ذلك أيضا ناشئا عن المقتضي ، فيقدم هو على الإلزامي كما أشار إليه بقوله : «وإلا فلا بأس بأخذه».
(١) هذا إشارة إلى قوله : «إلّا أن يقال : ...» الخ وقد تقدم توضيحه.
(٢) يعني : ولو كان في الآخر مقتض لغير الإلزامي.
(٣) وهو كفاية عدم تمامية علة الحكم الإلزامي في فعلية الحكم غير الإلزامي.
(٤) لعله إشارة إلى ضعف وجه تقديم الحكم غير الإلزامي الاقتضائي على الإلزامي ؛ بما بيّناه في التعليقة من تقديم الإلزامي على غيره لأهمية ملاكه من ملاكه.
أو إشارة : إلى أن غير الإلزامي بعد مزاحمته للإلزامي يصير لا اقتضائيا.
(٥) أي : ما تقدم من أول الفصل إلى هنا في تعارض الدليلين ـ من التساقط في المدلول المطابقي وبقاء أحدهما لا بعينه على حجيته في نفي الثالث بناء على الطريقية. وكذا الحال بناء على حجية الأمارات على السببيّة بالنحو الأول ، وهو كون السببية في خصوص أمارة لم يعلم كذبها ـ فمع العلم بكذب أحدهما إجمالا يسقط كلاهما عن الحجية. وأما على السببيّة بالنحو الآخر ـ وهو كون الأمارة مطلقا ولو مع العلم بكذبها إجمالا سببا لحدوث المصلحة والحكم الفعلي ـ فقد عرفت : أن حكمها التخيير ، وهو مقتضى القاعدة الأولية في تعارض الأمارات.
وهذا تمهيد للإشكال على قاعدة «أولوية الجمع مهما أمكن من الطرح» ، بناء على إرادة ظاهرها من لزوم التكلف في الجمع بين الدليلين حتى يخرجا عن التعارض ، ولو كان هذا الجمع بعيدا عن مذاق العرف وطريقتهم.
(٦) عطف على «هذا» ، يعني : لا أن مقتضى القاعدة هو الجمع بين المتعارضين بالتصرف في أحدهما أو كليهما.
(٧) الضمير راجع إلى «الجمع» يعني : كما أن الجمع مقتضى ما يتراءى» الخ.
(٨) واستدل على أولوية الجمع من الطرح بوجوه :
منها : الإجماع على أولوية الجمع المزبور من الطرح.