ولا ينافيه (١) الحكم بأنه أولى مع لزومه (٢) حينئذ (٣) وتعيّنه ، فإن (٤) أولويته من قبيل الأولوية في أولي الأرحام ، وعليه (٥) : لا إشكال ولا كلام.
______________________________________________________
توجيه قاعدة «الجمع مهما أمكن أولى من الطرح» بأن المراد بالإمكان الذي هو معقد الإجماع ليس ذلك الإمكان العقلي ؛ بل المراد به : الإمكان العرفي ؛ إذ العقلي منه يوجب انسداد باب التعارض رأسا ، ضرورة : إمكان الجمع عقلا بين المتعارضين في جميع الموارد ، ولو بحسب الزمان والمكان ؛ كحمل أحدهما على الليل والآخر على النهار ، أو حمل أحدهما في هذا المكان ، والآخر في المحل الكذائي ، أو بحسب حالات المكلف كالصحة والمرض والفقر والغنى وغيرها.
وعليه : فلا يبقى موضوع للأخبار العلاجية ، ومن البديهي : عدم بناء الأصحاب على اعتبار الجمع العقلي بين الأخبار المتعارضة ؛ بل بناؤهم على إعمال قواعد التعارض فيها من الترجيح والتخيير وغيرهما .. ولو كان مرادهم الإمكان العقلي لكان عملهم مخالفا لقولهم ، ولكان مقدّما على أحكام التعارض.
فلا وجه لإرادة الإمكان العقلي من القاعدة في معقد الإجماع ؛ بل المراد هو : الإمكان العرفي كحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد ، وغيرهما من موارد الجمع العرفي المتقدمة سابقا.
(١) يعني : ولا ينافي الإمكان العرفي الحكم ، هذا إشكال على التوجيه المزبور ، وحاصله : أنه بناء على إرادة الإمكان العرفي يتعيّن الجمع بين المتعارضين ، لا أنه أولى ، مع أن القائلين بأولوية الجمع لم يقولوا بتعيّنه ولزومه.
(٢) هذا الضمير وضميرا «بأنه ، تعيّنه» راجعة إلى الجمع الممكن عرفا.
(٣) أي : حين إمكان الجمع عرفا. وقوله «وتعيّنه» عطف على «لزومه».
(٤) أي : فإن أولوية الجمع عرفا. وهذا دفع الإشكال ، ومحصله : أن الأولوية يراد بها التفضيل تارة ، والتعيين أخرى كما في آية «أولي الأرحام» حيث إن الإرث يختص بمن في الطبقة السابقة ، فأولويتها تعيّنية. وكذا في المقام ، فإن أولوية الجمع العرفي بين الدليلين تعينيّة.
وعليه : فالتوجيه المزبور ـ وهو حمل الإمكان على العرفي لا العقلي ـ خال عن الإشكال.
(٥) أي : وعلى هذا التوجيه لا إشكال في أولوية الجمع من الطرح ولا كلام.