مع (١) إن في كون أخبار موافقة الكتاب أو مخالفة القوم من أخبار الباب نظرا ،
______________________________________________________
ومن المعلوم : أن النسبة بين الخبر الأول والثاني والرابع هو العموم من وجه ، فتتعارض في المجمع وهو الخبر المشهور المخالف للكتاب والموافق للعامة ، فمقتضى الخبر الأول الأخذ به ، ومقتضى سائر الأخبار تقديم غيره عليه. والنسبة بين الخبر الثاني والرابع مع الثالث هو العموم المطلق ، والحاصل : أن أخبار الترجيح لمّا كانت متعارضة فمقتضى القاعدة سقوطها وعدم تقييد أخبار التخيير بها. وضمير «أخباره» راجع إلى الترجيح أي : أخبار الترجيح.
(١) هذا سابع إشكالات وجوب الترجيح ، ومرجعه إلى أجنبيّة بعض ما عد من مرجحات الخبرين المتعارضين ـ ومن مقيّدات إطلاقات التخيير ـ عن باب ترجيح أحد المتعارضين على الأخر.
توضيحه : ـ «على ما في منتهى الدراية ، ج ٨ ، ص ١٤١» ـ إن مورد أخبار الترجيح هو الخبران الجامعان لشرائط الحجّية ؛ بحيث لو لم يكن بينهما تعارض لكان كل منهما حجة فعلا ، فالمقتضي للحجّية في كل منهما موجود ، والتعارض مانع ، فالمرجّح يوجب فعليه حجّية ذيه ، والأخبار العلاجية متكفّلة لمرجّح الحجة الفعلية. فلو كان المرجّح مميّزا للحجة عن اللاحجة ـ بمعنى كون المقتضي للحجية في أحدها موجودا دون الآخر ـ كان هذا خارجا عن ترجيح الحجة على الحجة كما هو مورد البحث. والمفروض أن الخبر المخالف للكتاب ليس فيه مقتضى الحجية ؛ لأن مخالفته للكتاب تشهد بعدم صدوره ، ومن المعلوم : أن إحراز صدوره ـ ولو تعبّدا مما يتوقف عليه حجّية الخبر ، فالخبر غير الصادر ليس فيه اقتضاء الحجّية حتى يرجّح على غيره ـ أو غيره عليه ـ في الحجية الفعلية.
وعليه : فعد الطائفة الآمرة بطرح الخبر المخالف للكتاب ـ والدالة على «أنه زخرف ، وباطل» ونحو ذلك من التعبيرات ـ من الأخبار العلاجية الدالة على الترجيح في تعارض الخبرين لا يخلو من النظر. فمرجع هذا الإشكال إلى عدم كون موافقة الكتاب ومخالفته من المرجحات وأجنبيّتهما عن باب الترجيح في الخبرين المتعارضين ، وأنهما مميزتان للحجة عن اللاحجة ، ولا تصل النوبة حينئذ إلى البحث عن وجوب الترجيح واستحبابه وتقييد إطلاقات التخيير ، لما عرفت : من أن عدم المخالفة للكتاب شرط حجية مطلق الأخبار الآحاد ، سواء كانت متعارضة أم لا ، وليست من مرجحات باب التعارض.
قوله : «نظرا» اسم «أن» وحاصل وجه النظر ما تقدم من عدم حجّية الخبر المخالف للكتاب في نفسه ؛ وإن لم يكن له معارض ، فيخرج عن باب تعارض الخبرين.