نعم (١) ؛ قد استدل على تقييدها ووجوب الترجيح في المتفاضلين بوجه أخر :
منها : دعوى الإجماع (٢) على الأخذ بأقوى الدليلين.
وفيه (٣) : أن دعوى الإجماع ـ مع مصير مثل الكليني إلى التخيير وهو في عهد الغيبة الصغرى ويخالط النواب والسفراء ، قال في ديباجة الكافي : لا نجد شيئا أوسع ولا أحوط من التخيير ـ مجازفة (٤).
ومنها (٥) : أنه لو لم يجب ترجيح ذي المزية لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح عقلا ، بل ممتنع قطعا.
______________________________________________________
في بقية الوجوه التي استدل بها لوجوب الترجيح
(١) أي : نعم ؛ قد استدل على تقييد إطلاقات التخيير ووجوب الترجيح في المتفاضلين بوجوه أخر غير أخبار الترجيح.
(٢) الظاهر : أنه يعني بدعوى الإجماع على الأخذ بأقوى الدليلين ما تقدم منه في صدر الفصل الثالث من الإجماع على الأخذ بالخبر الراجح ، ومقصوده من الراجح : أقوى الدليلين ؛ لأن فاقد المزية مرجوح وواجدها من الراجح أقوى من فاقدها فهو مورد الإجماع دون المرجوح.
(٣) هذا إشكال على الاستدلال بالإجماع على لزوم الأخذ بأقوى الدليلين.
وحاصل الإشكال : إنكار الإجماع وعدم تحققه ؛ وذلك لأن ثقة الإسلام الكليني مع كونه في عهد الغيبة الصغرى ـ ومخالطته مع نوّابه «عجّل الله تعالى فرجه الشريف» ـ ذهب إلى التخيير ولم يقل بالترجيح ، ومخالفته هذه تقدح في دعوى الإجماع. هذا مضافا إلى أنه محتمل الاستناد ، ومثله ليس بحجة كما سبق في مبحث الإجماع.
وكيف كان ؛ فدعوى الإجماع مع مخالفة الكليني مجازفة لا قيمة لها أصلا.
ولذا قال : «ولا نجد شيئا أوسع ولا أحوط من التخيير».
أما أوسعية التخيير فواضحة ؛ إذ وجوب الأخذ بأحدهما المعين ضيق على المكلّف ، وأما أحوطيته فلعدم العلم بالمرجحات في جميع الموارد في زمان صدور الروايات ؛ لعدم العلم غالبا بفتاوى العامة حتى يحصل العلم في ذلك الزمان بموافقة الروايات أو مخالفتها لفتاواهم ؛ بل الحاصل لهم لم يكن إلا الظن ، ومن المعلوم : أن الظن بالمرجحية لا يكفي ؛ لأن الأصل عدم حجيته ، فالاحتياط يقتضي العمل بإطلاقات التخيير.
(٤) خبر «أن دعوى الإجماع».
(٥) أي : ومن الوجوه التي استدل بها على لزوم تقييد إطلاقات التخيير بأخبار