فالصفح عنه أولى وأحسن (١).
ثم إنه (٢) لا إشكال في الإفتاء بما اختاره من الخبرين ، في عمل نفسه وعمل
______________________________________________________
مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ)(١). وهذا الوجه راجع إلى الترجيح السندي ، فإذا كان أحد سندي الروايتين مشتملا على عالم عادل والآخر على غيره ، فاللازم ترجيح الرواية الأولى على الثانية.
ومنها : أن حكم الشارع بلزوم الأخذ بأحد المتعارضين دائر بين التعيين والتخيير ، والأصل يقتضي التعيين ، ومقتضاه ترجيح ذي المزية على غيره ؛ لكن فيه : أن الأصل مرجح حيث لا دليل ، والمفروض : وجود الدليل هنا وهو إطلاق ما دلّ على التخيير ؛ إذ المفروض : سلامته عن التقييد.
(١) بل الصفح عنه أولى مطلقا حتى مع الظن بوجوب الترجيح ؛ لأن الظن غير المعتبر لا يجدي ولا يغني من الحق شيئا.
وقد تحصل مما أفاده المصنف ـ من أول هذا الفصل إلى هنا ـ أن المرجع في تعارض الخبرين هو إطلاقات التخيير ، ولا يجب الترجيح بشيء من المرجحات الواردة في المقبولة وغيرها من أخبار الباب ، وسيأتي الكلام في الآثار المترتبة بالتخيير.
هل يجب الإفتاء بما اختاره من الخبرين أو بالتخيير في المسألة الأصولية أو يجوز كلا الأمرين جميعا؟
(٢) الضمير للشأن ، وهذا شروع في الآثار المترتبة على التخيير لكن هذه الآثار لا تختص بمختار المصنف «قدسسره» من التخيير المطلق بل تجري بناء على مختار غيره ممن يرجع إلى أخبار التخيير بعد تقييدها بمرجحية موافقة الكتاب ومخالفة العامة ، وعليه : فهذه الآثار أحكام القول بالتخيير سواء قيل به مطلقا أم بعد فقد المرجح.
وكيف كان ؛ فالأثر الأول هو : أن مقتضى حجية أحد الخبرين تخييرا جواز الإفتاء بما يختاره منهما ؛ إذ المفروض حجيّة أحدهما تخييرا ، فإذا اختار أحدهما وأفتى به كان حجة عليه وعلى مقلديه كالرواية التي هي حجة عليه تعيينا ؛ لعدم معارض لها مع اجتماع شرائط حجيتها ، فإذا اختار الرواية الدالة على وجوب جلسة الاستراحة وأفتى بوجوبها كان حجة عليه وعلى مقلديه ، وليس له بعد ذلك أن يختار الرواية الأخرى الدالة على عدم وجوبها.
__________________
(١) السجدة : ٨.