اختاره المفتي ، فيعمل (١) بما يفهم منه بصريحه أو بظهوره (٢) الذي لا شبهة فيه (٣).
وهل التخيير (٤) بدوي أم استمراري؟
______________________________________________________
ولا فرق في الحكم الذي دلّ عليه الخبران من الأحكام المبتلى بها للمجتهد كأحكام الصلاة والصوم ، ومن غيرها كالأحكام المختصة بالنساء.
(١) هذه نتيجة حجية الخبر بإفتاء المفتي بها وجواز اختيار المقلد لها ، فإن حجية الخبر ـ أي : الحكم بصدوره في حقه ـ كحجيته في حق نفس المفتي تقتضي اعتبار معنى ألفاظ الخبر إن كان نصا أو ظاهرا بمثابة لا يعتدّ باحتمال خلافه عند أبناء المحاورة ، فلا يكون في فهم معنى الرواية تابعا للمجتهد مثلا بل هو كسائر أبناء المحاورة في فهم المعاني من الألفاظ. وضمير «منه» راجع إلى «ما اختاره» ، أي : ما اختاره المقلّد لا المفتي. والأولى أن يقال : «فيعمل بما يفهمه منه».
(٢) هذا الضمير وضمير «بصريحه» ـ المراد به النص ـ راجعان إلى «ما» الموصول المقصود به المعنى. يعني : فيعمل المقلّد بالمعنى الذي يفهمه الصراحة أو الظهور من غير الخبر الذي اختاره المفتي. والأولى تبديل «بصريحه» ب «صراحته» مصدرا كمعطوفه وهو «بظهوره» كما لا يخفى.
(٣) أي : في الظهور الذي لا يحتاج إلى النظر والتأمل. وهذا احتراز عن الظهور الذي يحتاج إلى ذلك ، كما إذا لم يكن اللفظ الدال على الحكم كالجملة الاسمية أو الفعلية الخبرية ـ صريحا أو ظاهرا معتدا به في الحكم. وكذا اللفظ الدال على موضوع الحكم كالغناء والصعيد والآنية من ألفاظ الموضوعات المستنبطة. فإنه في استظهار معانيها لا بد من مراجعة المجتهد ، لعجزه عن إثبات الظهور بدون الرجوع إليه ، مع وضوح إناطة حجية الكلام بظهوره في المعنى وعدم إجماله.
هل التخيير بدوي أو استمراري؟
(٤) هذا إشارة إلى الأثر الرابع من آثار التخيير ، وتوضيحه : ـ كما في «منتهى الدراية ، ج ٨ ، ص ٢٠٤» ـ : أن التخيير مطلقا أو في خصوص المتكافئين ـ على الخلاف ـ هل هو بدوي بمعنى : أنه إذا اختار أحد الخبرين في زمان لم يكن له الأخذ بالآخر في زمان آخر؟ أم استمراري ، فيجوز أن يختار أحدهما في زمان والآخر في زمان آخر فيه وجوه :
أحدها : كونه بدويا مطلقا وهو الظاهر من كلام الشيخ كما سيأتي تفصيله.
ثانيها : كونه استمراريا كذلك كما هو ظاهر جماعة منهم المصنف «قدسسره».