كمال الوثوق بصدوره كذلك (١) ، مع الوثوق بصدورهما (٢) لو لا القطع به (٣) في الصدر الأول لقلة (٤) الوسائط ومعرفتها ، هذا مع (٥) ما في عدم بيان الإمام «عليه
______________________________________________________
بها على التعدي عنها إلى غيرها مما يوجب الأقربية إلى الواقع.
(١) أي : تقية. وضمير «بصدوره» راجع على «الخبر الموافق».
(٢) أي : بصدور الخبر الموافق والمخالف ، وهذا توطئة لبيان كون مخالفة العامة لأجل التقية مميزة للحجة عن اللاحجة ؛ لأمر حجة لإحدى الحجتين على الأخرى.
توضيحه : ـ على ما في منتهى الدراية ، ج ٨ ، ص ٢٢٢ ـ أن صدور الروايتين لما كان في الصدر الأول موثوقا به ـ بل مقطوعا به ـ لقلة الوسائط ، ومعرفتها أوجب ذلك الوثوق بخلل في جهة صدور الموافق ، وأنه صدر تقية فلا يشمله دليل الاعتبار ، فتكون مخالفة العامة حينئذ خارجة عن مرجحات الخبرين ، وداخلة في مميزات الحجة عن اللاحجة كما بينه في الفصل السابق بالنسبة إليه وإلى موافقة الكتاب.
(٣) أي : بصدورهما. وقوله : «لو لا القطع» قيد ل «الوثوق».
(٤) متعلق ب «القطع» وتعليل له ، وضمير «معرفتها» راجع على الوسائط.
فتلخص : أن شيئا من الاحتمالات الثلاثة في تعليل الإمام «عليهالسلام» ب «أن الرشد في خلافهم» لا يجدي في استدلال الشيخ وغيره ممن يذهب إلى التعدي من المرجحات المنصوصة إلى غيرها ؛ لما في الاحتمال الأول من أجنبية حسن المخالفة في نفسها عن التعدي إلى كل ما يوجب الأقربية إلى الواقع. وفي الاحتمال الثاني من أن مقتضى كون الرشد غالبا في مخالفتهم والغيّ في موافقتهم هو الوثوق بوجود خلل إما في صدور الخبر الموافق وإما في جهته ، ولا مانع من التعدي إلى كل ما يوجب ذلك لا إلى مزية توجب أقربية ذيها إلى الواقع.
وفي الاحتمال الثالث من أن الوثوق بصدور الخبرين يقتضي الاطمئنان بصدور الموافق تقية لا لبيان الحكم الواقعي ، والتعدي لا بد أن يكون إلى كل مزية توجب الوثوق بصدور الموافق تقية ، لا إلى كل ما يوجب الأقربية إلى الواقع من الخبر المقابل له.
(٥) هذا شروع من المصنف في إشكالات ثلاثة عامة على التعدي بعد الفراغ عن أجوبة الوجوه الثلاثة المذكورة التي استدل بها على التعدي عن المرجحات المنصوصة.
أوّل هذه الإشكالات : ظهور عدم تعرّض الإمام «عليهالسلام» لضابط كلي للتعدي ، كأن يقول : «خذ بكل مزية توجب الأقربية إلى الواقع» ، مع تكرر السؤال عن حكم الخبرين المتعارضين ، وعدم تعرضه «عليهالسلام» إلا للمزايا الخاصة ، مع وضوح