الظن (١) أو الأقربية. كالتورع من الشبهات ، والجهد في العبادات (٢) وكثرة التتبع في المسائل الفقهية ، أو المهارة في القواعد الأصولية (٣) ، فلا وجه (٤) للاقتصار على التعدي إلى خصوص ما يوجب الظن أو الأقربية (٥) ؛ بل إلى كل مزية ولو لم تكن موجبة لأحدهما (٦) كما لا يخفى.
وتوهم (٧) : أن ما يوجب الظن بصدق أحد الخبرين لا يكون بمرجح ، بل موجب لسقوط الآخر عن الحجية للظن بكذبه حينئذ فاسد (٨) ، ...
______________________________________________________
وبالجملة : فهذان المرجحان ـ بناء على التقريب المذكور ـ لا يوجب الظن بالصدور والأقربية ، فلا بد من التعدي عنهما إلى ما يماثلهما من المزايا التي لا يوجب الظن بشيء منهما.
(١) أي : الظن بالصدور ، و «الأقربية» عطف على «الصدور» المحذوف. وقوله : «التورع ، كثرة التتبع» بيان ل «موجبهما» وقوله : «مما» خبر «إذا كان».
(٢) هذا بالنسبة إلى الأورعية.
(٣) هذا بالنسبة إلى الأفقهية.
(٤) جواب «حيث كان» ، وجملة الشرط والجزاء خبر «إنه».
(٥) يعني : كما ذهب إليه القائل بالتعدي واقتصر عليه.
(٦) أي : لأحد الظن أو الأقربية ، يعني : لا بد من التعدي إلى كل مزية وإن لم تكن موجبة لأحدهما.
(٧) هذا التوهم ردّ على الشيخ «قدسسره» : فلا بد أولا من توضيح هذا التوهم ثم دفعه والجواب عنه.
وأما توضيحه فحاصله : أن جعل الظن بصدق أحد الخبرين المتعارضين من المرجحات غير صحيح ، والصحيح جعله من مميزات الحجة عن اللاحجة ؛ إذ قيام الظن على صدق أحد الخبرين يحصل الظن بكذب الخبر المعارض له ، فيسقط الخبر المعارض عن الحجية رأسا ، ويكون المظنون حجة فقط ، فليس هذا من باب الترجيح ؛ بل من تمييز الحجة عن اللاحجة.
وبعبارة أخرى : أن المرجح إذا كان موجبا للظن الفعلي بصدق أحد الخبرين فهذا مما يوجب الظن الفعلي بكذب الآخر فيسقطه عن درجة الاعتبار ، وتخرج المسألة عن تعارض الحجتين ويكون المرجح هو موهنا لا مرجحا.
(٨) خبر «وتوهم» ودفع له.